«أدب مشرق واحتفاء خافت في مصر» توهج أدبي يسرد تجارب مثيرة

«أدب مشرق واحتفاء خافت في مصر» توهج أدبي يسرد تجارب مثيرة

بين ركام المشاهد الموجعة، وثرثرة اللا سياسة واللا حراك، هناك ما يُفرح في بلادنا، إذ يسطع الأدب والفن، وتلمع الثقافة مُعبرة عن صحوة بشر يُبرهنون على أن المصريين ـ كما كانوا دومًا ـ قادرون على صناعة الجمال، والتفوق فيه.

يُحبطنا المشهد العام، لكن تظل صناعة الجمال بخير وسلام ورسوخ.

فمنذ أيام قليلة، فازت الروائية الجميلة سلوى بكر بجائزة دول البريكس الأدبية في دورتها الأولى، لتؤكد أن الأدب المصري يحافظ على روعته وريادته، وأنه عابر للغات والحدود والثقافات، ولم يُجرّف ويُبعثر ويُفتت في ظل أزمنة الصراعات والاستقطاب وتقييد الحريات.

جوائز أدبية تُبرز التفوق المصري

قبلها بأسابيع قليلة، أعلنت جائزة الشيخ زايد العربية، وهي من أرقى الجوائز الأدبية في العالم العربي، عن قائمتها الطويلة للمرشحين لنيل الجائزة وضمت ثمانية مصريين، كما أعلنت في الوقت نفسه القائمة الطويلة لجائزة الشيخ يوسف بن عيسى الأدبية في الكويت وضمت ستة مصريين، ولا ننسى أن الفائز بجائزة البوكر العربية في الرواية هذا العام مصري هو محمد سمير ندا عن روايته «صلاة القلق».

وكما كتب صديقنا النابه أحمد الدرينى قبل أيام في «المصري اليوم»، فإن مصر لم تنحصر ثقافيًا وإبداعيًا، وأن الكتابة الأدبية في بلادنا مازالت بخير، غير أننا لا نجد أي انعكاس حكومي للتوهج الأدبي المصري على المستوى العربي، ونتصور أن الأدب والثقافة والإبداع خارج حسابات حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، وباقي المسؤولين، فلا مجالس عليا أو صغرى لدعمها، ولا مؤسسات للاحتفاء برموزها، وبخلاف معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يعقد كحدث موروث مطلع كل عام منذ نهاية الستينيات، فلا أي إشارات للثقافة والأدباء في الخطاب الحكومي.

تساؤلات حول دعم الدولة للإبداع

ولا شك أن التوهج الأدبي الذي ما زال صاحيًا في بلادنا يُحفزنا لنطرح تساؤلات قديمة حديثة مستمرة عن رعاية الدولة للإبداع وأهله، فماذا قدمت لهم من دعم حقيقي، وما أتاحته من وسائل تشجيع، وما نظمته من ورش عمل، ومسابقات، وما وفرته من رعاية طبية واجتماعية لهم؟ أقول ذلك وهناك في اللحظات الراهنة مبدعون كُثر يواجهون ظروفًا صحية قاسية، ولا تمتد لهم يد، ولا تعتني بهم مؤسسة، ولا يسأل عنهم سائل.

الثقافة كخطوة نحو التقدم

إن الفنون والآداب والثقافة في مسيرة الأمم الناهضة ليست ترفًا كما يظن البعض، وإنما هي ماكينة لحضرنة البشر، فبكلمة عذبة تتبدل نفوس، وبقصيدة شعر تنفتح عقول منغلقة، وبفيلم سينمائي يُمكن صناعة زخم وغرس قيم وبناء توجهات.

والسؤال المُلحّ الآن: أين الأدب؟ ما باله خرج من الحسابات! إن يدًا لم تمتد لمنح تفرغ الثقافة الموروثة آليًّا لترفع قيمها المحددة قبل عشرات السنين، لم تكرم الحكومة أديبًا مصريًا منذ نجيب محفوظ عام ١٩٨٨ تكريمًا لائقًا، لم تُدعم صناعة النشر، ولم تتح لها حرية أمام الموهوبين المنسيين في قرى الريف، لم يُدمج الأدب الحديث في مناهج التعليم، ولم يُحفّز الطلبة على الإبداع الحقيقي.

نجاحات دول مجاورة

لقد صنعت دول مجاورة من قلة من المبدعين أساطين، كرمتهم، واحتفت بهم، وافتخرت، بينما اكتفينا، رغم كتائب الإبداع الأدبي في بلادنا، بالتبريكات والتهاني.

والله أعلم.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *