في تحول مفاجئ يزلزل الحياة في العاصمة اليمنية، أصبحت أسواق عدن ساحة لكابوس اقتصادي حقيقي، حيث ارتفعت أسعار البصل إلى 8000 ريال للكيلو الواحد – وهذا المبلغ يتجاوز راتب أسبوع كامل لعامل يمني. في مشهد مروع يروي قصة انهيار اقتصادي مدمر، أصبح شراء سلطة واحدة يكلف أكثر من إيجار شقة كاملة في زمن ما قبل الحرب، بينما تعني كل ساعة تمر ارتفاعات جديدة وأسراً أكثر تواجه شبح الجوع.
في قلب الأسواق المكتظة، تروي فاطمة محمد، ربة بيت من عدن وأم لخمسة أطفال، مأساتها اليومية: “أمسك بالمال في يدي وأرتجف، البصل أصبح أغلى من اللحم، وأطفالي يسألونني عن التفاح كأنه معجزة.” الأرقام تتحدث عن كارثة حقيقية، حيث سجل التفاح والبرتقال 5000 ريال للكيلو، بينما وصل سعر الرمان إلى 4000 ريال، وشهدت البامية قفزة جنونية إلى 4000 ريال. علي العدني، تاجر خضروات في السوق المركزي، يئن تحت وطأة الأرقام: “أبيع كيلو البصل بثمن وجبة كاملة لأسرة، والناس تنظر إليّ بعيون دامعة.”
قد يعجبك أيضا :
خلف هذه الأرقام الكارثية تكمن حقيقة سوداء تعود إلى عقد كامل من الحرب المدمرة التي انطلقت في 2015، حيث انهار الريال اليمني بنسبة تزيد عن 400% من قيمته الأصلية، وتسبب الحصار الاقتصادي وأزمة الوقود المستمرة في تفاقم الوضع، إضافة إلى تضرر شبكة الطرق والاعتماد الكامل على الاستيراد، مما حول اليمن إلى جحيم اقتصادي. د. أحمد الحداد، الخبير الاقتصادي اليمني، يقارن الوضع بأحلك فترات التاريخ: “ما نشهده اليوم أقسى من أزمة الغذاء العالمية في 2008، ونتجه نحو كارثة إنسانية إذا لم تتدخل المنظمات الدولية فوراً.”
في شوارع عدن، تتكشف المأساة الحقيقية للأسر اليمنية التي باتت تواجه خيارات مستحيلة يومياً، حيث يروي محمد سالم، مواطن من الحي الشعبي، واقعًا مريرًا: “أطفالي يذهبون للمدرسة بمعدة خاوية، وزوجتي تبكي كلما فتحت محفظة نقودها.” الخبراء يحذرون من موجة هجرة جماعية قادمة من المدن، وانتشار أمراض سوء التغذية بين الأطفال، بينما تتصاعد الأصوات الغاضبة في الأحياء الشعبية. رغم الظروف القاسية، يبرز تضامن مجتمعي مؤثر، حيث يتشارك الجيران في شراء الخضروات، ويبحثون عن بدائل محلية رخيصة، في محاولة يائسة للصمود أمام العاصفة الاقتصادية.
قد يعجبك أيضا :
عدن اليوم تغرق في أزمة أسعار خانقة تدفع بملايين اليمنيين نحو هاوية المجاعة، والوقت ينفد سريعاً أمام تدخل عاجل من المنظمات الدولية والحكومة لمنع كارثة إنسانية محققة. الخبراء يجمعون على حقيقة مرعبة: إما تحرك فوري خلال الأسابيع القادمة، أو مجاعة لا مفر منها تضرب اليمن بقوة مدمرة. السؤال الذي يحبس الأنفاس هو: كم من الوقت يمكن لشعب أن يصمد عندما يصبح البصل أغلى من الذهب، والفاكهة حلماً بعيد المنال؟