«استراتيجية جديدة من السعودية تثير قلق القوى العظمى» كيف غيّرت الرياض قواعد اللعبة؟

«استراتيجية جديدة من السعودية تثير قلق القوى العظمى» كيف غيّرت الرياض قواعد اللعبة؟

في تحول جيوسياسي يعيد تشكيل موازين القوى العالمية، يواجه النظام الهيمني الأحادي الذي استمر لمدة 30 عاماً منذ نهاية الحرب الباردة، انهياراً واضحاً. يُشير الخبراء إلى أن العالم دخل مرحلة جديدة من التعقيد، حيث تفقد ثلاث قوى عظمى قدرتها على فرض إرادتها بشكل منفرد، بينما تبرز السعودية كنموذج يحتذى به في التكيف مع القواعد الجديدة. وتؤكد د. منى الشريف، أستاذة العلاقات الدولية، أن “السعودية طورت أذكى دبلوماسية في المنطقة”، مضيفةً أن كل يوم تأخير في فهم هذه القواعد يعني خسارة فرص بالمليارات.

أصوات إشعارات الهواتف الذكية تحمل أخباراً قد تغير مصير دول بأكملها، فالتكنولوجيا لم تعد مجرد أداة، بل أصبحت محركاً رئيسياً للسياسة العالمية. يروي عبدالله الكليبي، مستثمر خليجي، كيف خسر 40% من محفظته بسبب تقلبات السوق العالمية المفاجئة، موضحاً أنه “شاهدت استثماراتي تتبخر بسبب أزمة بدأت من شركة تقنية واحدة في كاليفورنيا”. الأرقام تتراقص على شاشات البورصات بجنون، مما يؤكد أن العالم بات أكثر شبهاً بأوروبا في القرن الخامس عشر، حيث انهارت الإمبراطوريات القديمة وولدت دول جديدة.

قد يعجبك أيضا :

تعود جذور هذا التحول إلى فشل النموذج الأمريكي في إدارة العالم بعد الحرب الباردة، حيث أثبتت القوة العسكرية وحدها عدم كفيتها في عصر الشبكات المترابطة. الاعتماد المتبادل بين الدول أصبح أكبر من حجم أي اقتصاد منفرد، ورغم الصعود الاقتصادي الهائل للصين، إلا أنها لا تستطيع فرض نموذجها خارج نطاق معين، بينما تحاول روسيا عبثاً الاستمرار في نموذج القوة العسكرية التقليدية الذي لم يعد متوافقاً مع شروط القرن الجديد.

في هذا المشهد المعقد، يظهر النموذج السعودي كمثال للذكاء الاستراتيجي، حيث تمكنت الرياض من تحقيق التوازن بين واشنطن وبكين وموسكو دون التضحية بمصالحها الوطنية. وقد نجح د. فهد الناصر، خبير اقتصادي، في تنويع استثماراته باتباع النموذج السعودي متعدد الشراكات، مؤكداً أن “المرونة والقدرة على التكيف أصبحتا أهم من القوة المطلقة”. بينما يعبّر خالد المطيري، رجل أعمال، عن رأيه قائلاً: “لم أعد أعتمد على سوق واحد، فالعالم أصبح قرية واحدة معقدة”، حيث تنتشر رائحة القهوة في قاعات المؤتمرات بينما تُحاك التحالفات الجديدة يومياً.

قد يعجبك أيضا :

يفتح هذا التحول آفاقاً استثمارية هائلة لمن يفهم القواعد الجديدة، لكنه ينذر بمخاطر جسيمة على من يتمسك بالنماذج القديمة. فقد أصبحت السياسة الدولية مثل الإنترنت – شبكة معقدة بدلاً من طرق مستقيمة، والتغييرات تحدث بسرعة الضوء وقوة تسونامي اقتصادي. النصيحة العملية واضحة: تنويع المحافظ الاستثمارية جغرافياً، والاستثمار في التعليم التقني، وبناء شبكات علاقات متنوعة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل ستكون من الرابحين في العالم الجديد، أم ستبقى أسير الماضي؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *