في مشهد يحبس الأنفاس، سجلت العاصمة عدن مساء الاثنين أسعار صرف صادمة تؤكد استمرار النزيف الاقتصادي الذي ينهش الريال اليمني: 1630 ريال مقابل الدولار الواحد – رقم فلكي يحطم أحلام ملايين اليمنيين ويجعل الدولار الواحد أغلى من راتب يوم كامل لموظف حكومي، مع فارق مؤلم يبلغ 13 ريال بين سعري الشراء والبيع، يخسر كل مواطن يصرف دولاراً واحداً ما يعادل وجبة طعام كاملة لأسرة صغيرة.
في محلات الصرافة المتناثرة عبر شوارع عدن، تحولت لوحات الأسعار إلى مرايا تعكس حجم الكارثة: الريال السعودي وصل إلى 428 ريال للبيع، بينما الدولار الأمريكي لامس حاجز الـ 1630، “الوضع أصبح لا يُطاق، نحن نعيش على أعصابنا”، يقول عبدالله الحضرمي، أحد تجار الصرافة في المدينة، وهو يشاهد طوابير المواطنين تتزايد أمام محله، وأم أحمد، الموظفة الحكومية التي تنتظر تحويلة ابنها من السعودية، تراقب الأسعار بقلق: “كل دقيقة تأخير تعني أدوية أقل لوالدي المريض”.
قد يعجبك أيضا :
هذا الانهيار ليس وليد اللحظة، بل تتويج مأساوي لرحلة بدأت عام 2014 عندما كان الدولار يساوي 215 ريال فقط، منذ ذلك الحين، والعملة اليمنية تسقط كورقة الخريف، محطمة كل الأرقام القياسية في الانحدار الاقتصادي، الصراع المسلح، توقف إنتاج النفط، وانقسام البنك المركزي حولوا الريال إلى رمز للمعاناة اليومية لـ 30 مليون يمني، المحللون الاقتصاديون يحذرون من سيناريو أسود قد يشهد وصول الدولار إلى 2000 ريال إذا استمرت الأوضاع السياسية على حالها الراهن.
في الشارع اليمني، تحولت حاسبة الهاتف المحمول إلى رفيق يومي لا غنى عنه، سالم البكري، المغترب في الرياض، يعيد حساب راتبه كل يوم: “ما كنت أرسله لأسرتي ويكفيهم شهراً، بات بالكاد يكفي أسبوعين”، الأرقام تصرخ بحجم المأساة: راتب بقيمة 100 دولار أصبح يحتاج إلى حقيبة لحمل 161,700 ريال، وزنها أكثر من كيلوجرام من الأوراق النقدية المتهالكة، بينما ينصح الخبراء بالتحوط عبر الذهب أو العملات الأجنبية، يجد المواطن العادي نفسه عاجزاً حتى عن توفير قوت يومه.
قد يعجبك أيضا :
مع غروب شمس كل يوم في عدن، يحمل المساء معه سؤالاً يؤرق ملايين اليمنيين: هل سينجو الريال من هذا النزيف؟ أم أن الأسوأ لم يأت بعد؟ إلى متى سيصمد اليمنيون أمام هذا الإعصار الاقتصادي الذي يبتلع أحلامهم ومستقبلهم؟ الإجابة تبقى معلقة في سماء عدن، بانتظار معجزة اقتصادية أو كارثة أكبر.
