في حدث غير مسبوق، أصبحت الرياض عاصمة عالمية للطعام، حيث اجتمعت 100 مطعم من 80 دولة في مكان واحد على مدار 10 أيام متواصلة، في أكبر فعالية متخصصة بتراث الطعام شهدها الشرق الأوسط على الإطلاق، والمفاجأة الكبرى كانت طفل سعودي يرسم بالسدو، ليأسر قلوب زوار من جميع قارات العالم، بينما تتنافس الجوائز الدولية للخطف أطباقنا التراثية، إنها فرصة العمر التي تتكرر مرة واحدة سنويًا لاستكشاف 1000 عام من التراث الغذائي المتجذر في قلب الصحراء.
انطلقت النسخة الخامسة من مهرجان “الوليمة للطعام السعودي” بمشاركة مميزة من مملكة تايلاند، مما يعكس عمق التأثير الثقافي للمطبخ السعودي على الصعيد العالمي، حيث ضمت الفعالية 7 مناطق ثقافية و13 قسمًا متخصصًا مع أكثر من 100 مطعم، بينما شهدت جامعة الملك سعود احتفالية طهوية لم تُشاهد من قبل في المنطقة، “تجربة تستحق الزيارة وتبرز بصمة المطبخ السعودي”، كما يصفها أحد الزوار المبهورين، بينما تتعالى أنغام العود ممزوجة برائحة الهيل والزعفران، وقدم الشيف هيفاء الزبيدي أسرار تحضير المنتو والفرموزة أمام جمهور captivated، فيما يرسم الطفل ثامر الغامدي لوحات بالسدو تعلمها من جدته.
قد يعجبك أيضا :
هذا المشهد الرائع ليس مجرد صدفة، بل هو نتاج جهود مستمرة من هيئة فنون الطهي السعودية في إطار رؤية 2030 الطموحة، حيث مهدت النسخ السابقة من المهرجان الطريق لهذا النجاح الباهر، إذ أدركت المملكة أن تراثها الغذائي هو كنز مدفون يحتاج للاستخراج والصقل، مثل أسواق عكاظ القديمة للطعام في العصر الحديث، ويجمع المهرجان خيوط التراث المبعثرة في نسيج واحد متماسك، يتوقع الخبراء تحول المملكة إلى وجهة عالمية لمحبي السياحة الغذائية، خاصة مع استضافة جوائز جورماند الدولية التي تكرم أفضل كتب الطهي بالعالم.
تتجاوز آثار المهرجان أروقة الاحتفال لتصل إلى المطابخ السعودية، حيث عادت العائلات لطبخ وصفات الجدات بشغف متجدد، “لم أكن أعلم أن المطبخ السعودي بهذا الثراء”، تقول سارة المطيري، زائرة من الكويت، تعبر عن دهشة آلاف الزوار، فمتحف العسل وورش الطبخ التراثي تشهد إقبالًا غير مسبوق، بينما تزدحم الحجوزات في المطاعم التراثية في جميع أنحاء المملكة، وتشعر أم سعد، 65 عامًا، بالفخر والقلق معًا، “أخيرًا يهتم أحفادي بوصفات العائلة، لكن هل سنحافظ عليها أم ستضيع مع الزمن؟”، الفرصة الذهبية متاحة الآن للاستثمار في هذا القطاع الواعد، بينما يحذر الخبراء من ضرورة حفظ الوصفات قبل أن تندثر مع رحيل كبار السن.
قد يعجبك أيضا :
10 أيام تمثل ألف عام من التراث في تجربة لا تنسى تنتهي في 6 ديسمبر، والتوقعات تشير إلى ترسيخ المملكة كعاصمة عالمية لفنون الطهي التراثية، لكن يبقى السؤال الملح: هل سنتمكن من نقل هذا الكنز الثمين للأجيال القادمة، أم سنتركه يذوب في زحام الحداثة والوجبات السريعة؟ الوقت ينفد والفرصة سانحة الآن لتكون جزءًا من هذا التاريخ الطهوي الاستثنائي.
