في مفارقة مدهشة، أظهرت الدراسات الأولية أن وادي القهرة، المنطقة الفقيرة في قلب محافظة الضالع اليمنية، يضم كنوزًا استراتيجية هائلة قد تغير مستقبل البلاد بأسره، حيث تحتوي هذه المنطقة المنسية على ثروات طبيعية ضخمة، تقدر بنحو نصف احتياطي اليمن من اليورانيوم، والذهب، والغاز المسال، في وقت تعاني فيه المنطقة من صراعات مستمرة وفقر مدقع، مما يجعلها قصة متناقضة لمنطقة فقيرة تسبح على بحر من الثروات.
قد يعجبك أيضا :
اكتشافات وادي القهرة:
يعكس ما أشار إليه الخبير الزراعي والفلكي يحيى المريسي من وجود كميات وفيرة من اليورانيوم في جبال وادي القهرة، هذا المعدن الاستراتيجي الذي يُستخدم في مجالات متعددة، بدءًا من الطاقة وصولًا إلى الصناعات المتقدمة، كما أنها تشمل رواسب ذهب ثمينة تضيف قيمة اقتصادية كبيرة، مما يؤهل هذه المنطقة التي بقيت بعيدة عن الأنظار لفترة طويلة.
قد يعجبك أيضا :
تُعد الاكتشافات الأخيرة لحقلين من النفط والغاز المسال في أعماق الوادي مثيرة للإعجاب، مما يُعزز موقعها بين أغنى المناطق اليمنية بالموارد الطبيعية، وهذه الاكتشافات تفتح آفاقًا جديدة لإمكانية تحول وادي القهرة من منطقة فقيرة ومنسية إلى مركز اقتصادي حيوي، حيث يمكن أن يساهم في إنعاش الاقتصاد اليمني المتعثر، إذا توفرت الظروف المناسبة لاستغلال هذه الثروات.
قد يعجبك أيضا :
الصراع على وادي القهرة:
خلال السنوات العشر الماضية، انتقل وادي القهرة من كونه منطقة مهمشة إلى ساحة صراع عنيف بين مختلف الأطراف المتنافسة في اليمن، حيث تُظهر خريطة السيطرة على المنطقة توزيعًا معقدًا للنفوذ، إذ تسيطر قوات الحكومة الشرعية على الجزء الشرقي من الوادي، بينما يمتد نفوذ الحوثيين إلى الجانب الغربي، ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على المناطق الجنوبية، مما يعكس صراعًا محمومًا على السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية ومواردها الثمينة.
قد يعجبك أيضا :
تحرص كل جهة على تعزيز وجودها في وادي القهرة، آملةً في الاستفادة من ثرواته الطبيعية عند استتباب الأوضاع وبدء عمليات الاستكشاف والاستخراج بشكل منظم، إلا أن هذا الجمود في ميزان القوى يؤدي إلى حالة من الشلل، حيث تمنع التوترات المستمرة أي جهود جادة لاستغلال هذه الموارد بشكل يعود بالنفع على السكان المحليين أو الاقتصاد اليمني ككل.
ومع ذلك، يبقى وادي القهرة مسرحًا للمناورات السياسية والعسكرية، بدلًا من أن يكون محركًا للتنمية والازدهار، حيث تتطلب البيئة الحالية تحقيق استقرار سياسي وأمني، بالإضافة إلى وجود إطار قانوني ومؤسسي يضمن إدارة هذه الموارد بكفاءة وعدالة، بما يضمن تحقيق الفائدة للجميع.
آفاق التنمية والاستقرار في وادي القهرة:
رغم التحديات الحالية، يمثل وادي القهرة فرصة استثنائية لتحقيق تحول اقتصادي واجتماعي في اليمن، إذا تم استغلال موارده بطريقة مستدامة وعادلة، حيث يمكن أن تسهم عائدات استخراج المعادن النفيسة والغاز في تمويل مشاريع البنية التحتية وتحسين الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية في منطقة عانت طويلًا من الإهمال والحرمان، كما يمكن أن توفر صناعات التعدين والطاقة فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة والفقر ويساهم في استقرار المجتمعات المحلية.
يشير خبراء التنمية إلى أن استثمار جزء من عائدات هذه الموارد في تنمية القطاعات الإنتاجية الأخرى، مثل الزراعة والصناعات التحويلية، يمكن أن يخلق اقتصادًا متنوعًا ومستدامًا في المنطقة، ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الإمكانات يتطلب توافر شروط أساسية، مثل تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، كما يحتاج إلى إطار قانوني ومؤسسي شفاف يضمن إدارة هذه الموارد بكفاءة وعدالة، بحيث تعود فوائدها على جميع اليمنيين، وليس فقط على فئة محدودة من النخب السياسية أو الاقتصادية.
تشكل قصة وادي القهرة مثالًا مصغرًا لمفارقة الموارد التي كثيرًا ما تعاني منها الدول النامية، حيث تتواجد الوفرة الطبيعية مقابل نقص الاستقرار والحكم الرشيد، مما يطرح التحدي الأكبر الذي يواجه اليمن اليوم في كيفية تحويل هذه الكنوز المدفونة من مادة للصراع إلى محرك للسلام والتنمية المستدامة، فعندما يتمكن اليمنيون من بناء توافق وطني حول إدارة مواردهم الطبيعية، يمكن لوادي القهرة أن يحقق إمكاناته كمحرك للتعافي الاقتصادي في بلد عانى من سنوات من الصراع والمعاناة.
