في أعماق البحر الأحمر، حيث تغمر الظلمة الزرقاء أشعة الشمس، تم اكتشاف كنز طبيعي يعود تاريخه إلى 800 عام، وهو أقدم من رحلة كولومبوس إلى أمريكا بعقود. بينما كانت الإمبراطوريات تصعد وتنهار، كانت هذه المستعمرة المرجانية الضخمة تنمو خفية في المياه السعودية، محتفظة بأسرار ثمانية قرون من التاريخ. هذا الاكتشاف الرائع قد يغير خارطة السياحة العالمية ويضع المملكة في مقدمة الوجهات البحرية الفاخرة.
في لحظة لا تُنسى، شاهد أحمد الغواص المستعمرة المرجانية العملاقة للمرة الأولى وهو على عمق عشرات الأمتار. “حين رأيت حجم هذه المستعمرة، شعرت أننا أمام اكتشاف سيدخل التاريخ”، يروي أحمد بصوت متحمس. المستعمرة من نوع “بافونا” تمتد بأبعاد تفوق ملعب كرة قدم، وتعتبر من أكبر المستعمرات المرجانية على مستوى العالم. اكتشفتها شركة البحر الأحمر الدولية أثناء مسوحات مشروع أمالا، مما أحدث ضجة علمية وضعت السعودية فجأة على خريطة السياحة البحرية العالمية.
قد يعجبك أيضا :
هذا الاكتشاف ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة الظروف المثالية التي يوفرها البحر الأحمر، المياه الدافئة والنظيفة، والتيارات المائية الملائمة، شكلت بيئة مثالية لنمو هذا العملاق البحري عبر القرون. يذكرنا هذا الاكتشاف بالكنوز الأثرية العظيمة في المملكة مثل مدينة الحِجر ومواقع نيوم التاريخية. العلماء متحمسون لدراسة هذه المستعمرة التي تحمل في طياتها أسرار تطور المناخ في المنطقة عبر ثمانية قرون، كأنها مكتبة طبيعية تُكتب بلغة الشعاب المرجانية.
بالنسبة لسارة الغطاس، المرشدة السياحية التي فقدت عملها بسبب تراجع السياحة البحرية، يمثل هذا الاكتشاف بداية حقبة جديدة. “أخيراً سنحصل على شيء مميز نفخر به ونعرضه للعالم”، تقول سارة بحماس. المشروع سيفتح المئات من فرص العمل المخصصة في الغوص والإرشاد البحري والبحث العلمي، مما يخلق مجالاً جديداً ومربحاً للشباب السعودي. رحب علماء البيئة بالاكتشاف، وتحمس قطاع السياحة للفرص الاستثمارية، بينما دعا حماة البيئة إلى ضرورة الحذر لضمان استدامة هذا الكنز الطبيعي.
قد يعجبك أيضا :
اليوم، نجد أنفسنا أمام خيارين مصيريين: إما أن نحول هذا الكنز البحري إلى وجهة سياحية مستدامة تضع المملكة في مقدمة السياحة البيئية إقليميا، أو نكرر أخطاء العالم الذي فقد 30% من شعابه المرجانية بسبب الإهمال والتطوير المتهور. على الشباب التفكير بجدية في التخصص في علوم البحار والغوص العلمي، وعلى المستثمرين استكشاف الفرص الذهبية في السياحة البيئية. السؤال المحوري الآن هو: هل سنحافظ على هذا العملاق الذي صمد 800 عام أمام التغيرات المناخية، أم سنشهد اختفاءه في عقود قليلة كما حدث مع ثلث شعاب العالم؟
