في صدمة مالية غير مسبوقة في المملكة منذ عقود، تستعد أكثر من 13 مليون أسرة مقيمة لمواجهة رسوم إقامة جديدة تصل إلى 4,800 ريال سنويًا لكل مرافق، وهو مبلغ يفوق الراتب الشهري للعامل العادي في العديد من الدول العربية. أعلنت السلطات السعودية عن تعديلات “ثورية” على رسوم الإقامة لعام 2025، مما يُهدد بقاء ملايين العائلات العربية على أراضي المملكة. ومع بقاء 30 يومًا فقط للتجديد بالأسعار القديمة، فإن العائلات قد تدخل في دوامة مالية مدمرة قد تؤدي إلى تفريق شملها للأبد.
أحمد المصري، عامل مقاولات براتب 2,500 ريال، يحكي مأساته وهو يرتجف: “زوجتي وطفلاي بحاجة لـ14,400 ريال سنويًا فقط لتجديد إقامتهم – ما يعني أن نصف راتبي السنوي سيذهب للرسوم فقط!” تكشف الأرقام الصادمة عن زيادة 1200% في رسوم المرافقين مقارنة بالمعدلات السابقة، بينما تصل رسوم الإقامة المميزة المؤقتة إلى 100,000 ريال سنويًا، وهو مبلغ يعادل راتب مهندس لمدة عامين في أغلب العواصم العربية، في المقابل، تبلغ رسوم العمالة المنزلية 600 ريال سنويًا، بينما تصل رسوم العاملين في القطاع الخاص إلى 650 ريالًا.
قد يعجبك أيضا :
تأتي هذه القرارات الصاعقة ضمن سلسلة تحولات جذرية بدأتها المملكة منذ 2017 لتطبيق رؤية 2030، بعد فرض ضريبة القيمة المضافة ورسوم الأراضي البيضاء. يحذر د. سالم، الخبير الاقتصادي، قائلًا: “نحن أمام موجة نزوح جماعي للعمالة محدودة الدخل خلال الثلاثة أشهر القادمة، مشابهة لما حدث في أوروبا في القرن الثامن عشر عند فرض الضرائب الثقيلة.” تسعى السعودية لزيادة إيراداتها غير النفطية وتوطين الوظائف، في إطار ضغوط اقتصادية عالمية تتطلب مصادر دخل بديلة، وتشير المؤشرات التاريخية إلى أن مثل هذه السياسات غيرت التركيبة السكانية لدول بأكملها في غضون سنوات قليلة.
قد يعجبك أيضا :
العائلات العربية تعيش كابوسًا حقيقيًا هذه الأيام، ففاطمة السورية اضطرت لإرسال أطفالها إلى سوريا بعد عجز زوجها عن تحمل الرسوم الجديدة. تشهد البنوك طوابير طويلة من المقيمين الذين يحولون مدخراتهم لتسديد الرسوم، بينما تتعرض شاشات منصة أبشر لضغط كبير نتيجة محاولات التجديد المحمومة. أصحاب الأعمال في حيرة، إما رفع الرواتب لمساعدة العمال، أو فقدان العمالة المدربة. رائحة القهوة المُرة تملأ جلسات العائلات وهي تحسب وتعيد تقدير إمكانياتها المالية، بينما تتراكم أوراق الحوالات المالية على طاولات البيوت كشاهد على الضغط المالي الخانق.
بالمقابل، يبرز د. محمد التونسي، المستثمر التقني، كنموذج للفائزين الجدد: “حصلت على الإقامة المميزة بـ800,000 ريال واستطعت تملك عقار وتأسيس شركة بحرية كاملة – استثمار مربح رغم التكلفة العالية.” تتشكل السعودية الجديدة بوضوح: إما أن تكون من أصحاب الملايين والكفاءات العالية، أو تواجه مصيرًا محتوماً بالمغادرة. تشير التوقعات إلى تغيير ديموغرافي جذري خلال العامين القادمين، مع ارتفاع جودة الخدمات وانخفاض عددها، فهل ستصبح المملكة حكراً على النخبة المالية، أم أن هناك خطة حكومية سرية لحماية العمالة البسيطة من هذا التسونامي المالي المدمر؟
