صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة، البابا لاون الرابع عشر يستقل طائرة متجهة إلى أنقرة في أول رحلة رسولية له إلى تركيا ولبنان. Article Information
-
- Author, كارين طربيه.
- Role, مراسلة بي بي سي – بيروت.
-
قبل 2 ساعة.
على طول الطرق الرئيسة والفرعية، رُفعت أعلام الفاتيكان إلى جانب أعلام لبنان، كما انتشرت لافتات كبيرة تحمل صور البابا لاون الرابع عشر، وكانت جميع الشعارات تصب في خانة واحدة: السلام.
تعتبر الدعوة للسلام إحدى الركائز الأساسية في الديانة المسيحية، ولبنان يسعى بشغف إلى السلام، حيث يأمل اللبنانيون أن تساهم زيارة البابا في تحقيق ذلك، وقد يفسر هذا الأمر جزئيًا الحفاوة الكبيرة التي تظهرها السلطات وشريحة واسعة من الناس لهذه الزيارة.
التوقيت حساس للغاية، فالبلاد تعاني من غارات إسرائيلية شبه يومية على الجنوب، مما يثير مخاوف من تصعيد كبير بعد عام من انتهاء حرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله، حيث تركت تلك الحرب آثارًا عميقة على البلاد.
سيغيب البابا عن المناطق الجنوبية المنكوبة، ولكنه دعا الجميع قبل وصوله إلى لبنان للتخلي عن استخدام السلاح كوسيلة لحل النزاعات، حيث أشار الفاتيكان إلى أن البابا أكد أنه يجب تشجيع الشعوب على السعي نحو السلام والعدالة.
تأتي هذه الزيارة أيضًا في إطار الاضطرابات الداخلية بسبب رفض حزب الله تسليم سلاحه، وسط ضغوط خارجية متزايدة على الرئاسة والحكومة، حيث يعتبر البعض، وخاصة في واشنطن، أن هناك قلة في الجدية تجاه تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله.
رمزية كبيرة
يقول البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في حديث لبي بي سي: “يعنيني كثيراً أن رأس الكنيسة الكاثوليكية آتٍ إلى وطنٍ صغيرٍ وأعطى أولويةً لهذا البلد”، حيث يعتبر الراعي أن الزيارة “عيد كبير عند اللبنانيين”.
يضيف: “بينما لبنان في قلب الحرب، يأتي البابا ليقول كلمة سلام وهذا يُفرحنا، لأن اللبنانيين يشعرون أنهم متروكون من العالم، والآن أكبر سلطة روحية تأتي إلى هذا البلد الصغير وهو عمل لا يمكننا شكركم عليه بما يكفي”.
يصعب عزل البعد السياسي عن البعد الديني لهذه الزيارة، حيث يقول رجل أربعيني في منطقة الأشرفية ذات الأغلبية المسيحية: “شرف لنا أن يزورنا خليفة القديس بطرس”، وعليه، تمثل زيارة البابا علامة دعم معنوي جلي للمسيحيين كطائفة صغيرة في بلد منقسم طائفيًا.
تمثل الكنيسة المارونية، التي تتبع الفاتيكان، أكبر نسبة من المسيحيين في لبنان، ولكن لا توجد إحصائيات دقيقة عن عددهم، أو العدد الإجمالي للمسيحيين في البلاد، ولقد توقفت التعدادات السكانية في لبنان منذ نحو القرن، جراء قرار سياسي يعتمد توزيع المناصب بين المسيحيين والمسلمين بغض النظر عن عددهم الفعلي.
وبذلك، فإن تخصيص البابا لبنان بأول جولة خارجية له يشير إلى رمزية كبيرة في توقيت حساس داخليًا وإقليميًا ودوليًا، كما أن التركيبة الاجتماعية والسياسية في لبنان تجعله نموذجًا للحوار بين الأديان، حيث سيرتفع الحديث عن التعايش والانفتاح الديني ليكون من العناوين الرئيسية في زيارة البابا لاون الرابع عشر.
ستكون هناك محطة رئيسية في زيارة البابا تتمثل في اللقاء المسيحي الإسلامي الذي سيعقد في العاصمة في اليوم الثاني من الزيارة، وهو جزء من مقاربة ثابتة بالنسبة للبنان ودوره في رؤية الفاتيكان، وقد عبر البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عن هذا المعنى بوضوح خلال زيارته لبنان عام 1997 حين قال إن “لبنان أكثر من بلد، هو رسالة”.
تحديات تنظيمية
يعتبر البابا لاون الرابع عشر رابع بابا يزور لبنان، بعد زيارة البابا بولس السادس في عام 1964، والتي لم تتجاوز مدتها ساعة، ثم تلتها زيارة البابا يوحنا بولس الثاني، فزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر عام 2012.
بينما عبر البابا فرنسيس، سلف البابا الحالي، عدة مرات عن رغبته في زيارة لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، لكن لم يتمكن من القيام بذلك لأسباب صحية، وفق ما ذكر الفاتيكان.
يهدف البابا الحالي من زيارته إلى تحقيق رغبة سلفه، حيث سيتوقف في مرفأ بيروت للصلاة والتأمل، وهي المحطة الوحيدة في برنامجه التي لن تُفتح للإعلام.
في ظل الاستعدادات الكبيرة لاستقبال البابا، والتحديات التنظيمية الكبيرة، يثار سؤال حول تكاليف الزيارة في نمط حياة يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، لم يُكشف عن تكلفتها، لكن التقديرات تشير إلى أنها قد تصل إلى خمسة ملايين دولار، بناءً على تجربة زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر قبل ثلاثة عشر عامًا.
تبقى هذه الزيارة تحديًا أمنيًا بارزًا، خاصة في تنقل البابا بين مناطق متعددة، حيث تم إعلان عطلة رسمية يومي الاثنين والثلاثاء، مع اتخاذ إجراءات استثنائية، بما في ذلك إغلاق عدد من الطرقات لتنظيم الحدث، وتصل التدابير إلى ذروتها يوم الثلاثاء بقداس جماهيري كبير على الواجهة البحرية لبيروت.
في هذا القداس، ستُرفع الصلاة من أجل لبنان وسط مخاوف من تصعيد إسرائيلي بعد الزيارة، في لحظات قد يبدو فيها الأمل مسدودًا، ستتوجه الأنظار إلى السماء عسى أن تشهد “عجيبة إلهية”، بدلاً من الغارات.
