«تحت الأضواء: لغز مقتل خنساء في غرب ليبيا يكشف عن جرائم النوع وصراع الميليشيات»

«تحت الأضواء: لغز مقتل خنساء في غرب ليبيا يكشف عن جرائم النوع وصراع الميليشيات»

مساء الجمعة، قضت خنساء المجاهد نحبها في منطقة السراج غربي طرابلس، وقد أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة أنها تعرضت لإطلاق نار في الرأس، الذي يُعتقد أنه السبب الرئيس لوفاتها، كما وُجد أثر عيار ناري في الزجاج الجانبي الأيسر لسيارتها، التي كان محركها يعمل لنحو ساعة ونصف من الحادث، وفقًا لشهود عيان.

جرائم النوع

ظهرت قبيلة القمامدة في مدينة الزاوية، التي تنتمي لها خنساء، في فيديو مصور، حيث حملوا النائب العام ووزارة الداخلية مسؤولية الكشف عن المتورطين في مقتل ابنتهم، مطالبين بفتح تحقيق عاجل ونشر نتائج التحقيقات للرأي العام.

وفي السياق ذاته، صرح الحقوقي الليبي أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، عبد المنعم الحر، أن “الجرائم المرتكبة بسبب النوع الاجتماعي يجب ألا تُعامل كجرائم عادية، بل تعتبر جرائم تمييز منهجي”، مؤكدًا أن قتل النساء لمجرد كونه مسألة متعلقة بالجنس يعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، ويجب مواجهته بتشريعات صارمة وإصلاحات اجتماعية، داعيًا إلى تحقيق مستقل وشفاف، مع ضرورة القبض على الجناة، والأهم إظهار نتائج التحقيقات للجمهور.

تحذير من التصعيد

حثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا السلطات المختصة على إجراء تحقيق سريع وشفاف في هذه الجريمة وتقديم الجناة للعدالة، مؤكدةً أن “هناك نمطًا خطيرًا من العنف ضد النساء، واستهداف الناشطات في الحياة العامة”، كما حذرت البعثة من أي أفعال قد تؤدي إلى تصعيد التوتر، داعيةً جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتعاون مع التحقيقات الجارية لتقديم الجناة إلى العدالة، مما أثار العديد من التساؤلات حول تفاصيل الحادث ومرتكبيه ودوافعهم، وكذلك الأوضاع الأمنية في طرابلس والمنطقة الغربية من ليبيا.

تؤكد مراجعة المقاطع المصورة للحادث والصور المتداولة وتصريحات نشطاء التواصل الاجتماعي الليبيين، أن خنساء تعرضت لإطلاق ناري بواسطة مسلحين مجهولين، حاولت الهرب منهم بعد نزولها من السيارة، إلا أن دقة التصويب نحو الرأس، وفقًا لخبراء أمنيين، لا تتناسب مع الخطأ في التصويب تجاه زجاج السيارة، وأن سلوك الإنسان في حالة الهرب من إطلاق نار داخل سيارة يميل إلى تسريع الحركة بدلاً من الكبح والفرار على الأقدام.

لا تزال هناك علامات استفهام كثيرة قيد تحقيق النيابة العامة الليبية، التي لم تُصدر بيانًا حول الحادث حتى الآن، إلا أن مصادر “سكاي نيوز عربية” أكدت إجراء تحقيق شامل في الحادث وتفريغ الكاميرات في المنطقة المحيطة، مع الحفاظ على سرية التحقيقات.

اتهام الحكومة

أكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن المعلومات الأولية تشير إلى أن “الهدف من الجريمة هو استهداف زوجها، عضو لجنة الحوار السياسي، معاذ المنفوخ، لكون السيارة المستهدفة كان يقودها في أغلب الأوقات”، كما أوضحت المؤسسة أن “المنطقة التي قُتلت فيها خنساء تحت سيطرة جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية”، و”تشير المعلومات الأولية إلى تورط عناصر خارجة عن القانون تتبع هذا الجهاز في القتل”، وحمّلت المؤسسة حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها ووزير الداخلية المكلف بها المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، ولم يُصدر أي تعليق حتى الآن من الحكومة أو وزارة داخلتيها بشأن الجريمة أو الاتهامات الموجهة إليها.

يرى المحلل العسكري والأمني الليبي محمد الترهوني، أن أصابع الاتهام تتجه حاليًا نحو ميليشيا الأمن العام التابعة لعبد الله الطرابلسي، باعتبارها القوة الأكثر انتشارًا في المنطقة الممتدة من السراج إلى جنزور حيث وقعت الجريمة، ومع ذلك، فإن هناك احتمالات بوجود أطراف أخرى قد تكون مستفيدة من عملية التصفية، خاصة أن زوج الضحية شخصية مؤثرة في مدينة الزاوية، وفق الترهوني الذي تحدث لـ”سكاي نيوز عربية”.

ويضيف الترهوني أن “مقتل خنساء المجاهد ليس حادثًا معزولًا، إذ سُجلت أكثر من 30 حالة قتل لنساء في الغرب الليبي خلال عام 2025، مما يعد مؤشرًا خطيرًا على مستوى الانفلات الأمني”، ويُرجح أن تكون هناك جهات تسعى إلى إشعال المشهد من خلال هذا الحادث، خاصة أن علامات الخلاف بدأت في الظهور بين ميليشيا الفار، التي يرأسها محمد بحرون، المقرب من زوج القتيلة، وميليشيا الأمن العام التابعة للطرابلسي، مع تبادل الاتهامات بين الطرفين، وتوريط أطراف سياسية في دائرة الاتهام، في محاولة لجر مدينة الزاوية إلى مواجهات جديدة، أو لتصفية حسابات سياسية وأمنية بين القوى المتنافسة في الغرب الليبي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *