«تحولات وإصلاحات: آفاق سودان جديد»

«تحولات وإصلاحات: آفاق سودان جديد»

يجب علينا (جميعاً) الاعتراف بأن الانقسام بين كافة المكونات السياسية قد وصل إلى حد (اللا وِفاق) الذي لا يمكن أن يقنع الشعب السوداني بالرضا الكامل على أيٍّ منها، وأصبح من المستحيل إصلاح الوطن دون التخلص منها جميعاً، وتسليم الحكم إلى جيل جديد لا صلة له بتلك المكونات، وأن تتفق تلك المكونات من (تلقاء نفسها) على التنازل عن الحكم لهذا الجيل الجديد، وعندما أتحدث عن هذه المكونات فإنني أعني الحركة الإسلامية، ومجموعة صمود، وقيادات الجيش الحالية، والدعم السريع، أو مجموعة تأسيس.

اليأس من المكونات الحالية

الشعب السوداني وصل إلى قمة اليأس من كافة هذه المكونات وصراعاتها، كلٌّ حسب رؤيته، فداخل القوات المسلحة يوجد شباب جديد يمكنهم قيادة المسيرة بدلاً عن عصابة الأربعة (البرهان، كباشي، العطا، جابر) ومجموعة الضباط الأكبر سناً الذين يدعمونهم (طمعاً أو خوفاً)، أما بعض قيادات صمود فقد أُتيحت لهم الفرصة وفشلوا في خلق واقع جديد رغم الضغوط التي تعرضوا لها، وأما دعم السريع ومجموعة تأسيس فقد باتوا خارج دائرة الرضا العام، ولا مكان لهم في مستقبل العمل السياسي، حتى عواجيز الأحزاب لم يعد لهم تأثير على الجيل القادم.

جيل جديد من الشباب

هناك (جيل جديد) من الشباب الذين لا ينتمون إلى أي منظمة ولديهم القدرة على قيادة السودان بكفاءة وفي مختلف المجالات، جيل متعلم ومتنور، صقلته تجارب الثورة والحرب والتشريد، ولكنه لا يجد الفرصة بسبب تشبث هذه المكونات بالسلطة وخلق الواقع المرير الذي يعيشه الوطن اليوم، فماذا لو توافقوا جميعاً على الابتعاد عن صراعاتهم الدامية وتقديم البلاد لهؤلاء الشباب (مدنياً وعسكرياً) حتى نخرج من هذه الدائرة الضيقة ونفتح أبواب الوطن لواقع جديد.

الرغبة الظاهرة والتغيير القائم

الغريب أن كل هذه المكونات تعلن (ظاهرياً) عدم رغبتها في الحكم، رغم أن واقع الحال يعكس خلاف ذلك، وهو مربط الفرس، فجميعها أصبحت مقتنعة بأن التغيير قادم لا محالة، وكل منها تحاول تشكيل هذا التغيير بما يتماشى مع بقائها في المشهد السياسي، غير مكترثين بأن هذا التغيير الذي بدأت شرارته من شباب ضحوا بأنفسهم، قبل أن يدخل الطامعون في الحكم من كافة الأطراف إلى هذا الصراع الدموي لتعزيز مكانتهم، متجاهلين أن هؤلاء الشباب هم الأحق بقيادة مسيرة الوطن، وهم المستقبل الحقيقي بعد أن شاخت تلك المجموعات وظهرت أطماعها في الهيمنة على السلطة بدلاً من رفاهية الوطن والمواطن، وعلى كل مواطن حر أن يقف مع سردية واحدة هي وطن جديد يقوده دماء الشباب الحارة المستنيرة، والابتعاد عن جميع السرديات المضللة المطروحة، مثل ديمقراطية الدعم السريع الدامية وهي تقتل وتدمر، و(كرامة) الكيزان والعسكر الكاذبة وهي ترفض المضي قدماً في جميع مبادرات السلام، والاتجاه للإفصاح عن موقف قوى الوطنية الديمقراطية بعدم الرغبة في قيادة البلاد مع الابتعاد عن تعظيم تلك الرموز القديمة، فاعتراف تلك المجموعات جميعاً بالفشل هو الخطوة الأولى نحو استقرار الوطن، فالعسكر الانقلابيون يرددون أنهم لا يرغبون في الحكم بينما يتمسكون بالاستمرار في الحرب، والتأسيس يبني ديمقراطيته على القتل والتصفيات، وجميعهم كاذبون، وخارج إطار مستقبل الوطن، فالشعب السوداني لن يقبل بأن تحكمه البندقية والقهر والتسلط بعد الآن.

التجارة بموت المواطن

يُحزن العصب أن طرفي الحرب يتاجران بموت المواطن، فكل طرف (يفرح) ويهلل ويبكي بدموع التماسيح عندما (يضربه) الطرف الآخر، ولا تصيب جنوده بل تصيب النساء والأطفال.. اللهم نسألك أن تجيرنا في مصيبتنا، والثورة مستمرة، والمحاسبة أمر لا بد منه، والرحمة والخلود أبداً لشهدائنا.. الجريدة

المصدر من هنا

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *