تعتبر العلاقات الاقتصادية بين مصر والجزائر مثالًا بارزًا على التعاون العربي والإقليمي القائم على المصالح المشتركة، حيث تسعى الدولتان إلى بناء شراكة قوية تعزز من وضع الاقتصادين المصري والجزائري على المستويين الإقليمي والدولي، ويأتي هذا التعاون في وقت حساس يشهد فيه العالم تغيرات اقتصادية متسارعة تستلزم تشكيل تكتلات قوية قادرة على مواجهة التحديات مثل تقلبات الأسواق وارتفاع تكاليف الإنتاج والطاقة، وتذبذب حركة التجارة العالمية، إن تنوع الموارد في كلا البلدين ووجود قطاعات اقتصادية واعدة يمنح هذه الشراكة بُعدًا استراتيجيًا واسع التأثير، خصوصًا مع وجود رغبة سياسية قوية تدعم هذا النهج الاقتصادي وتوجهات عملية لعقد مؤتمرات ومنتديات تجمع رجال الأعمال والمستثمرين وصانعي القرار بهدف رسم خطة عمل مشتركة تمتد لسنوات قادمة.
علاقات ممتدة وشراكة قادرة على البناء
أشار السيد خضر، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ«نيوز رووم»، إلى أن الشراكة الاقتصادية بين مصر والجزائر ليست مجرد تعاون عابر، بل هي مشروع طويل الأمد قائم على أسس تاريخية من التفاهم والاستقرار السياسي، مشددًا على أن البلدين يتمتعان بعلاقات قوية تمتد لعقود، مما يجعل فرص تعزيز التعاون الاقتصادي أكثر إمكانية ونجاحًا، وأضاف «خضر» أن المؤتمرات المشتركة بين الجانبين تشكل محطة هامة لمراجعة الملفات الاقتصادية وتوسيع مجالات الاستثمار، لافتًا إلى أن هذه الفعاليات تسهم في تحقيق تواصل مباشر بين المستثمرين والشركات وتحديد الاحتياجات، وإزالة العقبات التي قد تعترض حركة رؤوس الأموال أو ترتبط بالإجراءات الجمركية والتشريعية، وأكد أن هذا النوع من الشراكة يسهم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال وضع خطط بعيدة المدى تستوعب التغيرات العالمية وتعزز قدرة الاقتصادين المصري والجزائري على المنافسة.
فرص استثمارية ضخمة
ذكر «خضر» في حديثه أن تطوير الاتفاقيات التجارية والمالية بين الجانبين سيسهم في زيادة حجم التبادل التجاري، ويخلق نظامًا اقتصاديًا أكثر مرونة وقدرة على التوسع، مشيرًا إلى أن القطاعات الصناعية والطاقة والزراعة تأتي ضمن أولويات التعاون، حيث تمتلك الجزائر إمكانات هائلة في الطاقة والغاز، بينما تتمتع مصر بقدرات تصنيعية متنامية، ما يتيح فرص تكامل واضحة لإنشاء مصانع مشتركة وتطوير مشاريع إنتاجية تخدم السوقين المحلي والإقليمي، كما أبرز أهمية الاستفادة من الخبرات المتبادلة في مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي وتطوير آليات الإنتاج الحديثة، مؤكدًا أن نجاح هذه الشراكة يسهم في خلق فرص عمل جديدة، ودعم سلاسل التوريد، وتحسين مستوى الخدمات والبنية التحتية، مما ينعكس إيجابيًا على المستوى المعيشي للمواطن، ويزيد من الناتج المحلي الإجمالي لدى البلدين.
تنويع مصادر الدخل وجذب المستثمرين
أضاف «خضر» أن الشراكة الاقتصادية المصرية الجزائرية تمثل بوابة حقيقية لجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة مع ما توفره التعاون من بيئة مستقرة ومناخ تشريعي داعم يمكنه استيعاب توسعات صناعية وتجارية كبيرة، مؤكدًا أن هذا التعاون يعزز البلدين في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية مثل النفط والغاز، مما يقوي الاقتصاد في مواجهة الأزمات، وأشار إلى أن نجاح الشراكة لا يقتصر على المكاسب الاقتصادية، بل يمتد لدعم الأمن والاستقرار الإقليمي من خلال تشكيل تكتل اقتصادي عربي قادر على التفاوض والمنافسة، مضيفًا أن استمرار هذا التعاون سيمكّن مصر والجزائر من تحقيق مكانة أكبر في محيطهما العربي والإفريقي، وقد يفتح المجال لشراكات أوسع تشمل دولًا أخرى تبحث عن التكامل والاستثمار المشترك، واختتم حديثه بالتأكيد على أن تعميق هذا المسار يمثل فرصة استراتيجية لمصر والجزائر لبناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستدام يعود بالفائدة على الأجيال القادمة.
