«زيارة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان» ماذا نعرف عن المزارات الدينية الثلاثة التي ستحتضن زيارته؟

«زيارة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان» ماذا نعرف عن المزارات الدينية الثلاثة التي ستحتضن زيارته؟

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، البابا لاون الرابع عشر خلال وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. Article Information

    • Author, أحمد عبدالله
    • Role, بي بي سي عربي
  • قبل 3 ساعة

مع زيارة البابا لاوُن الرابع عشر إلى لبنان، يتجه التركيز نحو المزارات الدينية الثلاث التي ستُشكل محطات زيارته الرسمية: مزار سيدة لبنان في حريصا، دير مار مارون في عنايا حيث يرقد القديس شربل، ودير الصليب في جل الديب حيث ضريح الطوباوي الأب يعقوب.

تعتبر هذه المواقع ليست مجرد محطات دينية، بل هي جزء من شبكة روحية واجتماعية واقتصادية ممتدة في لبنان، وتمثل أنماطًا مختلفة للقداسة في بلد غني بالخصوصيات الطائفية والهويات الدينية.

تشير الباحثة في السياحة الدينية نور الفرا حداد إلى أن المزارات الثلاث التي تشملها زيارة البابا، “تحظى بسمعة رائعة، فهي مقصودة من المؤمنين الذين يشعرون فيها بأن دعواتهم تُستجاب”.

وتضيف أن هذه المزارات “لا تستقطب المسيحيين فحسب، بل يزورها أيضًا عدد كبير من المسلمين، خاصة في حريصا وعنايا، حيث تعتبر مريم والقديس شربل شخصيتين محبوبتين في الوجدان الشعبي”.

حريصا: مزار مريم الذي يوحد الزوار

يقع مزار سيدة لبنان في حريصا فوق خليج جونية، ويعتبر من أشهر المواقع الدينية في الشرق، تأسس المزار عام 1904، ووضع تمثال العذراء عام 1908 تحت رعاية جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة.

يمتاز الموقع بأنه يجمع بين الصلاة والسياحة، فالإطلالة على البحر تجذب العائلات والسياح، بينما يتوجه إليه المؤمنون لتقديم النذور وطلب الشفاعة، تبيّن حداد أن “حريصا مزار يجمع بين المسلمين والمسيحيين لأن مريم تمثل شخصية مشتركة في الوعي الديني للناس”.

لا توجد رسوم دخول إلى المزار، ويتمويله يعتمد على التبرعات الطوعية من الزوار، بالإضافة إلى متجر التذكارات.

أما الحركة الاقتصادية الكبرى فتتوزع حول الموقع، حيث تستفيد المطاعم، والتلفريك، وبيوت الضيافة، والمحلات الصغيرة من تدفق الزوار اليومي.

عنايا: ضريح القديس شربل

تبعد عنايا ساعة عن بيروت، ويتواجد دير مار مارون حيث عاش قديس شربل وتوفي عام 1898، تحول الموقع منذ عقود إلى مركز حج يستقطب مؤمنين من كل الطوائف، إذ تنسب إليه العديد من شهادات الشفاء حول العالم.

وتؤكد حداد أن الموقع “يسجل أعلى نسبة زيارات دينية في لبنان بعد حريصا”، مشيرة إلى أن “الناس يزورونه لطلب الشفاء أو للشكر بعد تحقق نذر”.

ويُعتبر الحدث الأكثر ارتباطًا بعنايا هو المسيرة الشهرية في 22 من كل شهر، حيث تبدأ القصة من شفاء السيدة اللبنانية نهاد الشامي، التي عانت من شلل نصفي، وتروي أنها استيقظت بعد ليلة من الصلاة وقد استعادة قدرتها على الحركة.

منذ ذلك الحين، بدأ العديد يرتادون الضريح في هذا اليوم، وتحولت الزيارة إلى مسيرة يشارك فيها الكثيرون شهريًا.

توضح حداد في حديثها مع بي بي سي عربي: “يوم 22 لم يعد يومًا عاديًا في عنايا، يحمل الناس الشموع والصور»، ويعبرون المسار بين المحبسة والدير كأنهم يستذكرون حكاياتهم الخاصة مع القديس”.

ورغم الازدحام، لا توجد أرقام رسمية دقيقة لعدد الزوار، لكن كل الأرقام تقديرية، تعكس حجم الحركة الواضح في المشهد اليومي.

هذا الازدهار الروحي أدى إلى تنشيط القرى المجاورة عبر محلات التذكارات، والمطاعم الصغيرة، وبيوت الضيافة والمنتجات الزراعية التي تنتجها الدير.

توزيع الشموع والبخور والذخائر من الضريح يكون مجانًا، ويمكن للزوار وضع تبرعاتهم في صندوق مخصص لهذا الغرض.

دير الصليب وخدمة الفقراء

يقع دير الصليب في جل الديب، شمال بيروت، حيث يرقد هناك الطوباوي الأب يعقوب، الذي كرّس حياته في مطلع القرن العشرين لخدمة الفقراء والمرضى وتعليم الأطفال.

أسس “أبونا يعقوب” كما يُعرف في المجتمع اللبناني، جمعية راهبات الصليب، وأنشأ مستشفى دير الصليب، الذي يُعتبر من أكبر مستشفيات الطب النفسي في لبنان.

يتميز هذا المكان بكونه يمثل “قداسة الخدمة”، بحسب حداد، حيث يمثل أبونا يعقوب وجهًا اجتماعيًا للقداسة، قائمًا على الرعاية والمسؤولية، بينما يشتهر مار شربل بالعجائب والصلوات العميقة.

يتضمن الدير كنيسة سيدة البحر حيث يقع ضريح الطوباوي، بالإضافة إلى متحف صغير يروي تفاصيل حياته، ورغم أن الحركة الاقتصادية حوله محدودة مقارنة بحريصا وعنايا، إلا أنها موجودة من خلال بعض المطاعم والمحلات الصغيرة في محيطه، والزيارات الروحية متاحة بلا رسوم، بينما تعتمد الرهبنة على التبرعات لدعم رسالتها.

سياحة دينية بلا إحصاءات

بالرغم من أهمية المزارات الثلاث، لا توجد أرقام رسمية بشأن عدد الزوار أو حجم الإنفاق المتعلق بالسياحة الدينية في لبنان.

توضح حداد أن “كل الأرقام المتداولة هي تقديرات، تعتمد على كثافة الحضور في الأعياد أو عدد من يتناولون القربان خلال القداديس، وليس على إحصاءات دقيقة”.

ورغم ذلك، يُعتبر تأثير هذا النوع من السياحة واضحًا ومباشرًا، إذ تؤكد أن “السياحة الدينية في لبنان تستمر سواء في الأزمات الاقتصادية أو الحروب، فالباحثون عن الطاقة الروحية يدفعهم للقيام بهذه الزيارات، التي تحرك الاقتصاد المحلي بطرق قد لا تظهر في الأرقام لكنها ملموسة في المجتمعات المحيطة”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *