«صناعة مصرية متجددة: دمج الاستراتيجية المحلية مع طموحات كوريا الجنوبية»

«صناعة مصرية متجددة: دمج الاستراتيجية المحلية مع طموحات كوريا الجنوبية»

موقع الدفاع العربي – 23 نوفمبر 2025: أعلنت الهيئة العربية للتصنيع في يناير 2023 عن التوصل إلى اتفاق لإنتاج الطائرة الكورية T-50 للتدريب المتقدم على القتال، ونظيرتها القتالية الخفيفة FA-50، محلياً داخل مصر.

احتياجات القوات الجوية المصرية

تشير التقارير إلى وجود حاجة لنحو 100 طائرة من هذا الطراز، وهو عدد يتماشى مع حجم أسطول طائرات K-8E “كاراكورام” العاملة لدى كلية الطيران التابعة للقوات الجوية المصرية في بلبيس لتدريب الطيارين المقاتلين، يُعتقد أن حوالي 90 طائرة من طراز K-8E لا تزال في الخدمة، إلا أن محركاتها الأوكرانية من طراز Motor Sich AI-25TL تعاني من نقص حاد في قطع الغيار بسبب الحرب في أوكرانيا، وقد يشكّل التعاون مع شركة KAI حلاً لهذه المشكلة، لكن أي اتفاق سيشمل بالتأكيد نقل التكنولوجيا.

تجارب سابقة وإنتاج محلي

يُذكر أن الهيئة العربية للتصنيع كانت قد أنتجت بترخيص نحو 120 طائرة تدريب صينية من طراز Hongdu K-8E بين عامي 2008 و2010، يمكن استخدامها أيضاً في مهام الهجوم الخفيف، وذكرت الهيئة في بيان يناير 2023 أن وفداً رفيع المستوى برئاسة الفريق مختار عبداللطيف أجرى مباحثات مع الوفد الكوري الذي ضم مسؤولين من شركتي KAI وHanwha Aerospace، وكان محور النقاش، كما هو متوقع، يدور حول نقل التكنولوجيا وتوطين تصنيع طائرة التدريب المتقدمة لتلبية احتياجات القوات الجوية المصرية.

التكنولوجيا الحديثة وطموحات الهيئة

من خلال العمل مع التقنيات الحديثة التي توفرها T-50 وFA-50، يمكن للصناعة الجوية المصرية أن تتقدم بسرعة نحو القرن الحادي والعشرين، يتولى مصنع الطائرات التابع للهيئة العربية للتصنيع أيضاً أعمال العمرات للطائرات الصينية، كما سبق للهيئة تجميع 30 طائرة مسيّرة صينية من طراز ASN-209 للاستطلاع التكتيكي، وتطمح الهيئة إلى توسيع قدراتها لتشمل صيانة طائرات أحدث دخلت الخدمة في السنوات الأخيرة، مثل “رافال” الفرنسية و”ميغ-29 إم” الروسية، بل وحتى ترقية طائرات إف-16 التابعة للقوات الجوية، فلا شك أن التعاون مع KAI سيدعم هذه الطموحات ويعزز محفظة أعمال الهيئة.

نجاح FA-50 عالمياً

نجحت FA-50 في تحقيق نجاح كبير على صعيد التصدير، إذ دخلت الخدمة في إندونيسيا والفلبين وتايلاند في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما اشترت بولندا ما يصل إلى 48 طائرة FA-50GF/PL، وبدأ استلام الدفعات الأولى العام الماضي، وفي مايو الماضي أعلنت كوريا الجنوبية خططاً لتمويل تطوير نسخة أحادية المقعد من FA-50، بحيث يُستبدل المقعد الخلفي بخزان وقود إضافي بسعة 300 غالون، مما يزيد مدى الطائرة العملياتي بنحو 30%، كما تبحث الحكومة الكورية عن مستثمرين في مشروع مقاتلتها الشبحية من الجيل الخامس KF-21 “بورامي”، وقد تبدي مصر اهتماماً بهذا المشروع بشرط توفر الظروف التمويلية.

مواصفات طائرة FA-50

تُعتبر FA-50 واحدة من أبرز الطائرات الخفيفة متعددة المهام التي طورتها كوريا الجنوبية استناداً إلى منصة T-50، لكنها تتمتع بقدرات قتالية تجعلها أقرب إلى مقاتلة خفيفة من فئة F-16، جاءت تطويرها نتيجة تعاون وثيق بين KAI وشركة لوكهيد مارتن، الأمر الذي منحها بنية إلكترونية غربية متقدمة وواجهة استخدام مألوفة للطيارين المدربين على مقاتلات الجيل الرابع الأميركية، تعتمد الطائرة على محرك واحد من نوع F404 يمنحها قدرة تسارع جيدة وسرعة تقارب 1.5 ماخ، مع قدرة عالية على المناورة بفضل تصميمها الانسيابي وخفة وزنها، مما يسمح لها بالعمل في مهام الاعتراض السريع والدعم الجوي القريب والاشتباك الجوي على مسافات قصيرة ومتوسطة.

تكنولوجيا التسليح والمميزات التشغيلية

تمتلك FA-50 راداراً متعدد الأنماط قادراً على تعقب عدة أهداف في الجو والبحر والبر، كما خضعت نسخها الحديثة لعملية تطوير أوسع عبر دمج رادار مصفوفة المسح الإلكتروني AESA، وهو ما يضاعف قدرتها على اكتشاف الأهداف والتعامل معها بدقة عالية، هذا التطوير يهدف إلى رفع الطائرة إلى مستوى ينافس مقاتلات خفيفة أخرى أكثر تقدماً، ويمكّنها من تشغيل ذخائر ذكية محلية وأميركية الصنع، تتميز منصة FA-50 بقدرتها على دمج الذخائر الموجهة بالليزر، والقنابل الذكية من عائلة JDAM، وصواريخ جو-جو قصيرة المدى مثل AIM-9X، مع توجه لدمج قدرات تسليح متقدمة مثل صواريخ بعيدة المدى من فئة AMRAAM في النسخ الأحدث التي باتت تُعرف باسم FA-50 Block 20.

الأداء الاقتصادي والتشغيلي

تستفيد الطائرة من كلفة تشغيلية منخفضة مقارنة بالمقاتلات الثقيلة، ما يجعلها خياراً جذاباً للدول التي تبحث عن أسطول قادر على ملء الفراغ بين طائرات التدريب والمقاتلات عالية التكلفة، أو لتعزيز القدرة العددية ضمن ميزانيات محدودة، وتستطيع FA-50 الإقلاع من مدارج قصيرة والعمل في بيئات مناخية مختلفة، مما يمنحها مرونة تشغيلية في مهام الحماية الجوية، والدوريات الحدودية، والمرافقة الجوية، والمهام الهجومية الخفيفة.

ثقة دولية في FA-50

اعتماد عدد متزايد من الدول عليها يعكس الثقة بموثوقية المنصة وقدرتها على التطور خلال السنوات المقبلة، خاصة مع خطط كوريا الجنوبية لتحويلها إلى منصة قادرة على حمل ذخائر أبعد مدى ورادارات أكثر تطوراً، إضافة إلى تجهيزات حرب إلكترونية محسّنة، وتحتوي جميع هذه العناصر على مقومات تجعلها طائرة تلائم دولاً تسعى إلى تحديث أساطيلها تدريجياً، أو تلك التي تبحث عن مقاتلة لا تحتاج إلى بنية لوجستية ضخمة ويمكن دمجها سريعاً ضمن منظومات قتالية موجودة مسبقاً.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *