«صوت الغضب يرتفع» اتهامات متزايدة بالتحرش تثير انتقادات حادة للتعليم الخاص

«صوت الغضب يرتفع» اتهامات متزايدة بالتحرش تثير انتقادات حادة للتعليم الخاص

رغم الانتقادات المتكررة التي تطال العديد من المدارس الخاصة والدولية في مصر، سواء بسبب ارتفاع المصروفات الدراسية، أو لعدم التزام بعضها بالقوانين واللوائح المنظمة لعملها، فقد تصاعدت حدة الشكاوى بعد اتهامات متعاقبة بوقائع “تحرش جنسي” بالأطفال داخل تلك المؤسسات.

بعد أيام قليلة من وضع مدرسة دولية في القاهرة تحت الإشراف المالي والإداري لوزارة التربية والتعليم، إثر اتهامات بالتحرش من جانب عدد من العاملين، اتخذت الوزارة القرار نفسه مع مدرسة أخرى في الإسكندرية.

لقد أصبحت “ظاهرة التحرش” تهيمن على أية انتقادات أخرى لتلك المدارس، التي يسجل الالتحاق بها فئة القادرين مادياً فقط، ولم يعد الأمر مقتصراً على الشكاوى التي تتعلق بتقديم خدمة تعليمية وإدارية غير متناسبة مع المصروفات المطلوبة.

وفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم المنشورة عند بداية العام الدراسي الحالي، بلغ عدد المدارس الخاصة في مصر 11500 مدرسة، منها 800 مدرسة “دولية”، ودخلت 2400 مدرسة خاصة ودولية جديدة الخدمة خلال الخمس سنوات الأخيرة.

إجمالي عدد المدارس في مصر يصل إلى 62 ألف مدرسة، يلتحق بها 25 مليون طالب، بينهم 2.5 مليون مقيدين بمدارس خاصة ودولية، وفق إحصاءات وزارة التربية والتعليم.

ما الأسباب؟

توضح منى أبو غالي، مؤسِّسة ائتلاف “تحيا مصر بالتعليم”، أن مشكلات المدارس الخاصة “مستمرة منذ سنوات، لكنها تزايدت مؤخراً مع ارتفاع المصروفات الدراسية دون الالتزام بالنسب القانونية للزيادة السنوية، بالإضافة إلى التحايل على القانون عبر تحصيل مصروفات بداعي الأنشطة، رغم عدم تقديم الخدمات التعليمية المكافئة لقيمة المصروفات.”

أضافت في حديثها لـ”الشرق الأوسط”: “المشكلات تتفاقم حالياً مع اعتماد تلك المدارس على معلمين غير تربويين غالباً، وليس لديهم التأهيل اللازم للتعامل مع الطلاب، مما يؤثر سلباً على التلاميذ، ومن ثم ينتشر درس الخصوصية رغم المصروفات العالية، بل أحياناً يتم إجبار الطلاب عليها.”

واستكملت قائلة: “من هنا تظهر وقائع التحرش الجنسي، الناجمة عن غياب المسؤولية التربوية، إذ لا يتم إجراء اختبارات نفسية للمتقدمين للعمل، ولا توجد رقابة على سلوكيات العمال والإداريين، الأمر الذي يتيح تحول المؤسسات التعليمية إلى مشاريع ربحية ساعية للعمالة الرخيصة، وقد تكون هناك وقائع أخرى لم يُبلغ عنها من جانب الأهالي.”

يشير أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، تامر شوقي، إلى أن قضايا التحرش الأخيرة سلطت الضوء على سوء اختيار المعلمين والعمال والإداريين من جانب إدارات بعض المدارس الخاصة، ويقول إن إحلال وتبديل المعلمين باستمرار لا يتيح فرصاً للتواصل وفهم التغيرات في سلوك الأطفال.

يُقارن شوقي في تصريحاته لـ”الشرق الأوسط” بين تشديد وزارة التربية والتعليم من الرقابة على المدارس الحكومية، والمتابعة الأضعف للمدارس الخاصة والدولية، ويؤكد أن هذا يتطلب تدخلاً سريعاً من قبل الوزارة لإعادة الأمور إلى نصابها السليم، خاصة أن اكتشاف الجرائم يتم من قبل أولياء الأمور فقط وليس من إدارة المدرسة، مما يُشير إلى احتمالية محاولة إدارات المدارس إخفاء تلك الحوادث حفاظاً على سمعتها.

قضية الإسكندرية

جاءت قضية “مدرسة الإسكندرية الدولية للغات”، المتهم فيها عامل بالمدرسة، بعد تدخل “القضاء العسكري” لاستكمال تحقيقات بشأن اتهامات بالتحرش بأطفال في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي بمدرسة “سيدز” الدولية في مدينة العبور، والتي هزت الرأي العام في مصر.

تفاقمت القضية بعد اكتشاف أولياء الأمور أن عاملاً في المدرسة كان يستغل وجوده مع الأطفال في ساحة اللعب لممارسة أفعال مشينة في غياب تام للمشرفين والمعلمين، وأثارت هذه الواقعة موجة غضب شعبي عارمة.

أكدت التحقيقات أن العامل استغل الإهمال الرقابي داخل المدرسة، وأمرت النيابة بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق، وباستعجال تقرير الطب الشرعي للأطفال الضحايا، كما تم التحفظ على كاميرات المراقبة بالمدرسة وتفريغها بواسطة فنيين مختصين.

هذه الأحداث دفعت وزارة التربية والتعليم لإقرار مجموعة من “الضوابط الجديدة” على المدارس الدولية بهدف حماية الطلاب، شملت تحديث أنظمة كاميرات المراقبة، والتأكيد على تغطية كل المساحات داخل المدرسة وفصولها، وإجراء تحاليل كشف عن المخدرات لكل العاملين، بما فيهم المعلمين والإداريين والمشرفين والسائقين، وأي موظف جديد ينضم للعمل.

كما منعت “وجود أي أفراد صيانة داخل المدرسة (الدولية) أثناء اليوم الدراسي”، وفرضت حظراً على وجود أي فرد أمن داخل أسوار المدرسة خلال اليوم الدراسي، وكذلك حظرت وجود أي طالب في مرحلة رياض الأطفال أو المرحلة الابتدائية دون إشراف دائم من المدرسة، يمثل ذلك في مُدرسة الفصل أو المشرفة، خاصة داخل الحافلة المدرسية.

في أبريل الماضي، اهتزت مصر على قضية اعتداء جنسي على الطفل “ياسين” داخل إحدى المدارس الخاصة في محافظة البحيرة من قبل موظف يبلغ من العمر 79 عاماً، وفي شهر سبتمبر، وُجهت تحقيقات الأجهزة الأمنية في محافظة القليوبية حول مدير مدرسة خاصة بعد اتهامه بالتحرش بطالبة في الصف الأول الثانوي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *