«مدعوون إلى النجاح» المغتربون اليمنيون يستثمرون 7.4 مليار دولار في توطيد اقتصاد الوطن

«مدعوون إلى النجاح» المغتربون اليمنيون يستثمرون 7.4 مليار دولار في توطيد اقتصاد الوطن

في مشهدٍ يعجز العقل عن تصديقه، استطاع مليونا عامل يمني مغترب تحقيق ما عجزت عنه آبار النفط لعقود، إذ أنقذوا شعبًا بأكمله من الموت جوعًا بتحويلات تاريخية بلغت 7.4 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز الناتج المحلي لخمسين دولة حول العالم. في بلد يتمتع باحتياطيات نفطية ضخمة، أصبحت تحويلات عمال البناء اليمنيين في الرياض أهم من برميل النفط، حيث تمثل 38% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن تحذيرًا صادمًا من ائتلاف النقد اليمني يكشف أن العقوبات القادمة قد تقطع آخر خيوط الحياة عن ثلاثين مليون يمني خلال أسابيع.

قد يعجبك أيضا :

فاطمة محمد، أم لخمس أطفال في صنعاء، تروي مأساتها بصوت خافت: “منذ شهرين وأنا أترقب تحويلة ابني أحمد، العامل في الرياض، الأطفال ينامون جوعى، وأنا أتصل به يوميًا.” قصة فاطمة تتكرر مع 82% من الأسر اليمنية التي تعتمد على تلك التحويلات كمصدر دخل وحيد للبقاء. تظل المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول المرسلة، بنسبة 64% من إجمالي التحويلات، تليها الإمارات، في مشهد يبين أن دول الخليج تلعب دور الشريان الحقيقي لليمن، ومن المدهش أن 61% من هذه التحويلات تمر عبر قنوات غير رسمية، مما يجعل نظام الصيرفة اليمني كشبكة عنكبوتية هشة مهددة بالانهيار في أي لحظة.

قد يعجبك أيضا :

تغيرت ملامح الاقتصاد اليمني بشكل جذري منذ انهيار القطاع النفطي عام 2015، حين دمرت الحرب البنية التحتية الإنتاجية، لتحول بلدًا كان يحلم بالثراء النفطي إلى دولة تعتمد كليًا على كرم مواطنيها في الخارج. وأكد خبراء اقتصاد محليون أن “الصدمات الاقتصادية كانت ستصبح أشد قسوة لولا هذا التدفق النقدي المستمر الذي ساعد على استقرار سعر صرف الريال اليمني.” تتضح حجم المأساة اليمنية عند مقارنة الوضع مع طاجيكستان وتونغا – الدولتين الوحيدتين الأكثر اعتمادًا على التحويلات في العالم، حيث يتجاوز عدد سكان اليمن ومحيطه بكثير.

قد يعجبك أيضا :

في مكاتب الصرافة بعدن، يصف سالم قاسم مشاهد يومية مؤلمة: “نستقبل مئات الأسر يوميًا بحثًا عن تحويلات أبنائها، وعندما تتأخر تحويلة ليوم واحد، ترى الدموع والذعر في عيونهم.” تشير الإحصائيات إلى كارثة فعلية: 66% من الأسر لم تعد قادرة على تأمين الحد الأدنى من الغذاء، بينما 68% من التحويلات تُستخدم مباشرة لشراء الطعام، و19% للدواء والعلاج. أحمد عبدالله، عامل بناء في دبي، يروي تضحيته: “أرسل 80% من راتبي لعائلتي في تعز، رغم أنني أعيش في غرفة مشتركة مع عشرة عمال آخرين، لكن أطفالي أهم من راحتي.” هذا المشهد يتكرر مع مليونين من المغتربين اليمنيين الذين حولوا معاناتهم في الغربة إلى معجزة للبقاء لشعبهم.

قد يعجبك أيضا :

لكن السؤال المرعب يطرح نفسه الآن: هل ستصمد معجزة التحويلات اليمنية أمام عاصفة العقوبات القادمة؟ د. محمد الحميدي، الخبير الاقتصادي اليمني، يحذر بوضوح: “التحويلات أصبحت البنك المركزي الحقيقي لليمن، وأي قطع لهذا الشريان يعني كارثة إنسانية لا يمكن تصورها.” تُهدد العقوبات الأمريكية المحتملة والتوترات الإقليمية بتحويل آخر أمل للشعب اليمني إلى كابوس، في وقت تراجعت فيه المساعدات الدولية إلى مستويات قياسية، فهل سنشهد انهيار آخر خط دفاع ضد أكبر كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *