«مصر تعزز استثماراتها في القطاع الصحي رغم التحديات المالية المتزايدة»

«مصر تعزز استثماراتها في القطاع الصحي رغم التحديات المالية المتزايدة»

قالت مؤسسة فيتش سوليوشنز، إن ميزانية الحكومة المصرية لعام 2026 تعكس التزامًا واضحًا بتعزيز منظومة الرعاية الصحية وتحسين إمكانية الحصول على الخدمات الصحية على مستوى الجمهورية، رغم استمرار الضغوط الناتجة عن ارتفاع أعباء خدمة الدين.

مخصصات ميزانية الصحة

ذكرت المؤسسة، أن مخصصات ميزانية الصحة لعام 2026 تمثل جهدًا استراتيجيًا لمعالجة جوانب القصور وتحسين تقديم الخدمات، وسد الفجوات المتعلقة بسلاسل توريد الأدوية والتغطية التأمينية، في ظل تنامٍ ديموغرافي يعزز الضغط على البنية الصحية.

ارتفاع الإنفاق الحكومي

أضافت “فيتش”، أن الإنفاق الحكومي على الصحة من المتوقع أن يرتفع بنسبة 52.2% ليصل إلى 617.9 مليار جنيه في 2026، مقابل 406 مليارات جنيه في 2025، مشيرة إلى أن أحد أهداف رؤية مصر 2030 هو رفع ترتيب مصر في مؤشر التنمية البشرية، والذي يقف حاليًا عند المركز 99 بين 193 دولة.

معدل الإنفاق مقارنة بالناتج المحلي

أوضحت المؤسسة، أن الإنفاق الصحي الحكومي سيظل عند 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، وهو أقل من النسبة الدستورية المستهدفة البالغة 6%، على أن يرتفع تدريجيًا إلى 3.7% بحلول 2029، وهو ما يظل أدنى من متوسطات الأسواق الناشئة (5.7%) والمتوسط العالمي (6.3%).

التوقعات المستقبلية للإنفاق الصحي

وتوقعت أن يرتفع إجمالي الإنفاق الصحي في مصر إلى 21.1 مليار دولار بحلول 2029، مقابل 13.7 مليار دولار في 2025.

مخصصات وزارة الصحة

ذكرت “فيتش”، أن وزارة الصحة ستخصص 45 مليار جنيه للأدوية والمستلزمات الطبية، و12.4 مليار جنيه للمواد الخام الدوائية، و15.1 مليار جنيه للعلاج على نفقة الدولة، و2.8 مليار جنيه لصيانة المعدات الطبية، مرجعة هذه الزيادات إلى ارتفاع عبء الأمراض غير السارية والتغيرات الديموغرافية.

تأثير الزيادة السكانية على الخدمات الصحية

أضافت المؤسسة، أن عدد سكان مصر من المتوقع أن يرتفع من 116.3 مليون نسمة في 2025 إلى 118.1 مليون في 2026، مما يزيد الضغط على المستشفيات والعيادات، خاصة في المدن الكبرى مثل القاهرة، مؤكدة أن الاستثمار الصحي أصبح ضرورة إستراتيجية لمواجهة تحديات النمو السكاني.

التحديات المرتبطة بالمواد الخام الدوائية

أشارت “فيتش” إلى أن مصر تعتمد بشكل كبير على المواد الخام الدوائية المستوردة، ما يجعل زيادة المخصصات في موازنة 2026 عنصرًا مهمًا لتعزيز مرونة سلسلة الإمداد في مواجهة تقلبات العملة.

الصحة الرقمية في الميزانية

وفيما يتعلق بالصحة الرقمية، قالت المؤسسة إنه لا يوجد بند مخصص لها بشكل صريح في الموازنة، غير أن الحكومة خصصت 86 مليار جنيه وتحديث 172 مستشفى جامعي، بزيادة 87% عن العام السابق، وهو ما يعكس توسعًا محتملًا في التحول الرقمي داخل منظومة الصحة.

توقعات التقنية الرقمية في السجلات الصحية

أضافت أن هناك توقعات بزيادة اعتماد التقنيات الرقمية في السجلات الصحية الإلكترونية، إلى جانب تخصيص 20 مليار جنيه لتوسيع التغطية الصحية الشاملة مع التسجيل التلقائي، وهو ما يعكس – بحسب المؤسسة – التزام الحكومة بتعزيز العدالة والوصول إلى الخدمات الصحية للفئات الأكثر هشاشة.

التأمين الصحي ومعدل التغطية

ذكرت “فيتش” أن برامج التأمين الصحي في مصر تغطي حاليًا 69 مليون مواطن، ارتفاعًا من 46 مليونًا في 2014، فيما تستهدف الدولة الوصول إلى تغطية كاملة لجميع المواطنين بحلول 2030، لكنها أوضحت أن تحقيق هذا الهدف لايزال غير مؤكد، نظرًا لوجود نحو 47 مليون شخص خارج التغطية حتى الآن.

تقييم الوضع الاقتصادي وتأثيره على الإنفاق الصحي

وفي تقييمها للوضع الاقتصادي، قالت المؤسسة إن تحسن الأسس الاقتصادية الكلية وارتفاع القدرة المالية سيدعمان زيادة الإنفاق الصحي، مشيرة إلى ارتفاع النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي من 4.4% في 2025 إلى 4.9% في 2026، مع تراجع التضخم من 12.2% إلى 9.3% خلال الفترة نفسها.

زيادة الإيرادات الضريبية

أضافت أن التحسن المالي مدعوم أيضًا بزيادة الإيرادات الضريبية، حيث ارتفعت بنسبة 38% لتصل إلى 1.4 تريليون جنيه بين 2024 و2025، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 13% في 2026، وهي الأعلى منذ عشر سنوات.

تحديات خدمة الدين العام

ورغم ذلك، ذكرت المؤسسة أن خدمة الدين لاتزال تمثل قيدًا ماليًا كبيرًا، إذ حددت الحكومة سقف الدين عند 94.3% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2025، مع استهداف خفضه إلى 90% بحلول يونيو 2026، وتوقعت انخفاض مدفوعات الفائدة كنسبة من الإيرادات من 73.1% في 2025 إلى 66.3% في 2026، لكنها شددت على أن مستويات خدمة الدين لاتزال مرتفعة.

نسبة سداد الدين في الموازنة

وأوضحت “فيتش”، أن مخصصات سداد أصل الدين وفوائده تمثل 64.8% من إجمالي الإنفاق في موازنة 2026، مشيرة إلى أن زيادة الاقتراض الخارجي بنسبة 186% ليصل إلى 8 مليارات دولار تعكس استمرار دورة المديونية، وهو ما قد يحد من قدرة الحكومة على تنفيذ خطط الإنفاق الصحي في المدى القصير، ويثير مخاوف بشأن استدامة التمويل على المدى الطويل.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *