تعكس الجهود المكثفة التي تبذلها الدولة المصرية في الآونة الأخيرة لدعم الاستثمار حرص الدولة برئاسة عبد الفتاح السيسي على مواصلة البناء والتنمية الاقتصادية، والإرادة القوية في مواجهة التحديات الاقتصادية، فرغم الأزمات التي واجهتها، استطاعت الدولة أن تعبر هذه المحن وتحقق الاستقرار الاقتصادي، كما ظهرت مؤشرات إيجابية تدل على تحسن الوضع الاقتصادي المصري، مما لاقى إشادة من المؤسسات الاقتصادية الدولية وزيادة في تصنيف مصر الائتماني.
تشهد مصر في الآونة الأخيرة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستقطاب الشركات العالمية لإنشاء مصانع ومشروعات استثمارية كبرى، مما يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري واستقرار الدولة، ولم تأت هذه الثقة من فراغ، بل نتيجة لجهود حقيقية وملموسة على أرض الواقع، وتوجيهات سياسية واعية تسعى لمصلحة الوطن وتقدم الدولة المصرية.
ما زالت جهود الدولة تسير في اتجاه إيجابي من خلال التنسيق بين وزارات المجموعة الاقتصادية ومجموعة التنمية الصناعية، حيث تُعقد اجتماعات دورية، فضلاً عن اجتماعات رئيس مجلس الوزراء مع اللجان الاستشارية الاقتصادية لمناقشة التحديات الاقتصادية ومشكلات المستثمرين وطرح الحلول الممكنة.
كما أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بإقرار حوافز استثمارية متنوعة تشمل حوافز مالية وضريبية بالإضافة إلى تسهيلات جمركية، مما يشجع العديد من المستثمرين الأجانب والمحليين على استثمار أموالهم في مصر، هذا يعكس الجدية في دعم وتحفيز المستثمرين، ويخلق الثقة والأمان لدى المستثمرين ليبقوا في مصر.
تتواصل جهود الدولة لتيسير حركة التجارة الخارجية وتحسين بيئة الأعمال، حيث تعمل على تطوير منظومة الإفراج الجمركي وتسهيل حركة الصادرات والواردات، وقد نجحت الحكومة في تقليص متوسط زمن الإفراج الجمركي من 16 يومًا إلى 5.8 يوم فقط، مع تحديد هدف للوصول إلى يومين قبل نهاية العام.
تسعى الدولة أيضاً لمعالجة العوائق التجارية غير الجمركية التي تواجه المصدرين والمستوردين، وأكدت الحكومة أنها قامت بدراسة هذه العوائق بالتنسيق مع الجهات المعنية، ووضعت حزمة من التوصيات العملية منها الإسراع في تنفيذ الربط الإلكتروني بين المنافذ، وتكثيف التنسيق بين الجهات الرقابية لتبسيط الإجراءات، وتحديد آلية لمتابعة الأداء لضمان تحقيق الأهداف الزمنية والميدانية، بهدف الوصول إلى منظومة جمركية حديثة ترتقي لأفضل المعايير العالمية وتدعم خطط الدولة لجذب الاستثمارات وزيادة حجم التجارة الخارجية.
ومن الخطط الإيجابية التي تكمل هذه الجهود، إعلان وزارة الصناعة عن خطة شاملة لتحديد 28 فرصة صناعية واستثمارية واعدة، حيث تسعى الدولة لوضع خرائط واضحة للصناعة بناءً على دراسات دقيقة لاحتياجات السوق ومتطلبات الإنتاج، وقادرة على توطين الصناعة في مصر خلال السنوات المقبلة.
تأتي هذه الخطة كخطوة تعكس الإرادة السياسية الجادة لتعميق الصناعة الوطنية وتقليل الفجوة الاستيرادية، حيث قدمت الوزارة قائمة بالقطاعات القابلة للنجاح الفوري استنادًا إلى معايير تشمل توفر الطاقة بأسعار تنافسية، ووجود المواد الخام، والعمالة الفنية، والبنية التحتية التكنولوجية، فضلاً عن الطلب المتزايد محلياً وإقليمياً.
تعكس الصناعات المدرجة رؤية شاملة، حيث تمزج بين الصناعات الاستراتيجية عالية التقنية مثل مكونات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر، والبرمجيات الصناعية، والروبوتات، وأيضًا تلك التي تلبي احتياجات السوق المصري مباشرة مثل المحولات الكهربائية، والمضخات، والأدوات الكهربائية، والصناعات الغذائية والدوائية، مما يضمن نمو هذه القطاعات وتحقيق عائد اقتصادي ملموس، كما أن إدراج صناعة السيارات ومكوناتها ضمن الأولويات يمثل نقلة مهمة نحو بناء صناعة سيارات حقيقية في مصر، خاصة مع التحول العالمي نحو المركبات الكهربائية، مع توافر مقومات جذب شركات دولية لتصنيع الإطارات، والبطاريات، والمحركات، والإلكترونيات، وهو ما سيوفر آلاف فرص العمل ويدعم بناء منظومة صناعية متكاملة.
تشمل الخطة أيضاً الصناعات الهندسية المطلوبة محليًا مثل المحركات الكهربائية، المولدات، وأنظمة التبريد، حيث أن لها أسواق تصديرية جاهزة في أفريقيا والشرق الأوسط، لما تحتاجه هذه الدول من حلول هندسية بأسعار وجودة تنافسية، وتم منح أولوية لصناعة ألبان الأطفال، إذ تمثل هذه الصناعة أمنًا غذائيًا ودوائيًا، وتوطينها في مصر خطوة استراتيجية تقلل من فاتورة الاستيراد المرتفعة وتحقق الاكتفاء الذاتي في منتجات حساسة للعائلات المصرية.
إن إعلان هذه القائمة يعد دعوة مباشرة للقطاع الخاص للدخول بقوة في هذه الصناعات، حيث وفرت الدولة البنية التحتية، والطاقة، والخامات، والتشريعات الملائمة، وتسعى حاليًا لتهيئة بيئة استثمارية مستقرة تضمن للمستثمرين سرعة بدء تنفيذ المشروعات.
يرتبط نجاح هذه الخطة بتوفير حوافز استثمارية تمويلية وضريبية، وتيسير الإجراءات البيروقراطية، مع وجوب الاستفادة من الموارد المتاحة لتمكين مصر من أن تصبح مركزًا صناعيًا إقليميًا، حيث تمثل الفرص الـ28 حجر الأساس لنقلة كبيرة في مساهمة الصناعة بالناتج المحلي خلال السنوات المقبلة.
لقد بدأت الدولة بالفعل خطوات كبيرة لتذليل معوقات الاستثمار، وعلينا أن نواصل هذه الجهود مع ضرورة وضع خطة واضحة للترويج لهذه الفرص الاستثمارية والمزايا والحوافز التي يمكن أن تجذب المزيد من المستثمرين.
