«معركة الشائعات حول الهيدروجين الأخضر في مصر: من يقف خلف استهداف المشاريع؟»

«معركة الشائعات حول الهيدروجين الأخضر في مصر: من يقف خلف استهداف المشاريع؟»

يستمر الهيدروجين الأخضر في مصر في ترسيخ موقعه كمحور استراتيجي لمستقبل الطاقة النظيفة، وذلك بالتوسع في الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعزز مكانتها الإقليمية والدولية، في وقت يشهد فيه العالم سباقًا متزايدًا نحو بدائل أكثر استدامة ووجهات تصدير واعدة، بينما تتوسع شبكة المشاريع المصرية، تظهر موجات من الأخبار المفبركة التي تحاول التشكيك في قدرة الدولة على استكمال خططها الطموحة، ورغم التحديات الطبيعية التي تواجه هذا القطاع الناشئ، فإن التجارب الدولية تثبت أن المشاريع المتقدمة غالبًا ما تواجه حملات مشابهة، وتوضح البيانات الإقليمية أن مصر تتصدر المشهد العربي بعدد مشروعات يفوق أي دولة أخرى في المنطقة، مما يؤكد حجم الاهتمام الدولي بموقعها الجغرافي وقدراتها التكنولوجية، كما تشير المؤشرات المتاحة إلى أن الاستثمارات الفعلية في الهيدروجين الأخضر تعتمد على دراسات دقيقة وبيئة متطورة، ومع تكثيف الهجمات الإعلامية، يبدو واضحًا أن ملف الهيدروجين الأخضر في مصر أصبح ساحة صراع بين نجاح المشاريع من جهة ومحاولات التشويه من جهة أخرى، مما يستوجب مناقشة تفاصيله وبيان حقيقة الوضع الفعلي داخل القطاع، قبل الانتقال إلى عرض التحليل التفصيلي.

تطوير المشروعات.. مسار ثابت رغم الجدل

تشير البيانات إلى أن الهيدروجين الأخضر أصبح ركيزة رئيسة داخل استراتيجيات الطاقة الوطنية، ليس فقط كمشروع مستقبلي، بل كجزء من التحول الاقتصادي الذي يعتمد على جذب الشركاء الدوليين وتعزيز دور المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في الصناعة الخضراء، ووفق تقارير أوابك، تتصدر مصر الدول العربية بعدد 39 مشروعًا معلنًا حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وهو ما يعكس مسارًا تصاعديًا لم يتراجع رغم الحملات التي حاولت إشاعة حالة من الغموض حول مستقبل القطاع، ويُعتبر هذا التنوع مؤشرًا على تماسك الخطة الوطنية، حيث تستفيد الدولة من موقعها الجغرافي الفريد، مما يمنحها قدرة تنافسية في إنتاج الوقود النظيف ونقله، إذ تقام غالبية مشروعات الأمونيا والهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما يتيح بنية لوجستية متقدمة تدعم الوصول إلى أسواق أوروبا وآسيا، وتشير نتائج تفعيل 14 مذكرة تفاهم من إجمالي 30 مذكرة إلى أن العمل الفعلي تجاوز مرحلة التصورات النظرية، مع توقيع 11 اتفاقية إطارية بإنتاج سنوي متوقع يبلغ 18 مليون طن، مما يعكس انتقال المشاريع من النوايا إلى التنفيذ، رغم محاولات التشويش، وتلتزم الشركات الأجنبية العاملة بتنفيذ مراحل الدراسات وفق الجداول الفنية دون تأخير، مما يعزز ثقة المستثمرين في بيئة العمل، وتؤكد مؤشرات الأداء أن البلاد تستند إلى مزيج من الطاقة الشمسية والرياح لتقليل تكاليف الإنتاج على المدى الطويل، ويرى متخصصون أن بقاء مصر في مقدمة دول المنطقة ليس برهانا عابرا، بل نتاج تخطيط ممتد لسنوات اعتمد على البنية الصناعية القوية والقدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة، وتوفير المناخ القانوني والتنظيمي الملائم لإرساء قطاع تنافسي عالمي.

حرب الشائعات.. من يستهدف المشروعات؟

تتعرض مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر لحملة شائعات تعتمد على بث أخبار مجهولة المصدر، تدَّعي إلغاءها أو تأجيلها بحجة عدم الجدوى، على الرغم من أن القطاع عالميًا يمر بفترة انتقالية تتطلب دراسة عميقة قبل الدخول في استثمارات ضخمة، وقد حسم وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت الجدل في تصريحات خاصة، مؤكدًا أن كل ما يتم تداوله حول إرجاء القرارات الاستثمارية “غير صحيح إطلاقًا”، وأن الاعتماد على مصادر مجهولة يعد محاولة لإرباك الرأي العام وإضعاف موقف الدولة، وتزامنت تصريحات الوزير مع إعلان بدء تصدير الأمونيا من أحد المشروعات عام 2027 بطاقة سنوية تبلغ 70 ألف طن، مما يثبت أن العمل جارٍ بالفعل، وأن الادعاءات المتداولة لا تستند إلى أي أساس عملي، كذلك يعكس هذا الإعلان توجهًا ثابتًا نحو التنفيذ، وأكد مصدر حكومي أن الدولة تتابع كل ما يُثَار عالميًا بشأن التحديات التي يواجهها القطاع، وتدرس تجارب الدول الأخرى التي أرجأت بعض مشروعاتها لأسباب خارجية، وأن ما يحدث دوليًا لا ينسحب على الوضع المصري، الذي يتمتع بجاذبية استثمارية مميزة، كما أكد المصدر وجود تواصل دائم مع الشركات الشريكة، وأن مراحل الدراسات تُنفَّذ وفق الجدول دون تأخير، مما ينفي الادعاء بوجود تجميد للمشروعات، ويكشف عن أن الهجوم على القطاع يستهدف التشكيك في قدرة مصر على قيادة سوق الوقود النظيف عربيًا، كما تؤكد البيانات الرسمية أن عشرات الاتفاقيات بقيمة تقارب 100 مليار دولار لا يمكن أن تُدار بقرارات مبنية على شائعات، بل على دراسات وتعاقدات ملزمة، مما يشير إلى أن حملة التشويه تُدار من أطراف تستفيد من تعطيل قطاع الهيدروجين الأخضر في مصر.

التصدير إلى أوروبا.. طريق المنافسة الحقيقية

يكتسب الهيدروجين الأخضر في مصر أهمية اقتصادية استراتيجية، نظرًا لتنافسية البلاد في إنتاج الوقود النظيف القادر على الوصول إلى أوروبا بسرعة وبتكلفة أقل مقارنة بمناطق أخرى، مما تعززه قدرات قناة السويس التي توفر ممرًا لوجستيًا عالميًا، وتُظهر بيانات أوابك أن 34 مشروعًا من أصل 39 مشروعًا مصريًا تتركز في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، مما يعكس توجهًا لبناء قاعدة إنتاج كبيرة يمكن تقسيمها بين التصدير والاستهلاك المحلي، وهو شرط لاستدامة هذا القطاع، وتتطلب مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر حلولًا تمويلية مبتكرة نظرًا لارتفاع التكلفة مقارنة بالطاقة المتجددة التقليدية، ويتضمن ذلك دعمًا لرأس المال بنسبة تتراوح بين 50 و70%، وقروضًا ميسرة بفائدة 4%، وضمانات ضد مخاطر السياسة وتقلبات سعر الصرف، كما تُعتبر مشاركة مصر في مناقصة “إتش-2 غلوبال” المقبلة فرصة قد تغيّر مسار التمويل، بفضل آليات المزاد المزدوج التي تضمن شراء المنتج، مما يمنح المطورين رؤية أوضح حول السعر وجدوى الاستثمار، وهو عنصر حاسم في أي قرار صناعي طويل الأجل، كما تمتلك مصر قاعدة صناعية قوية تمكّنها من توطين سلسلة القيمة بدلًا من الاعتماد الكامل على الواردات، بما يشمل تصنيع أجزاء أجهزة التحليل الكهربائي والخزانات والأنابيب والضواغط، ويمكن أن يؤدي التوطين إلى خفض التكلفة بنسبة تصل إلى 20% وخلق آلاف الوظائف، وتعتبر التقارير أن بناء قطاع الهيدروجين الأخضر لا يعني فقط التصدير، بل يتطلب دمج القطاع داخل الاقتصاد المحلي، عن طريق إزالة الكربون في صناعات مثل الأسمنت والأسمدة، وتدريب الكوادر الفنية، وتوسيع دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في الخدمات اللوجستية والتشغيل، وبذلك، تتضح كل المؤشرات أن الهيدروجين الأخضر في مصر يتحول إلى مشروع وطني طويل الأجل، مدعوم ببيانات واقعية وشراكات جادة، بعيدًا عن حملات التشكيك التي تحاول تعطيل مسار التطوير.

أحمد بدر – صحفي متخصص في مجال الطاقة، ونائب مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *