«نداء إنساني» إيران تطلب دعماً دولياً لمواجهة حرائق غاباتها الشمالية

«نداء إنساني» إيران تطلب دعماً دولياً لمواجهة حرائق غاباتها الشمالية

إيران تدرس «الرد المتماثل» على قرار «الوكالة الذرية»

عقدت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني اجتماعاً طارئاً، يوم السبت، بحضور كبار مسؤولي الملف النووي، لبحث إمكانية اتخاذ «رد متماثل» على قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يلزم طهران بتوسيع تعاونها مع المفتشين، ويأتي هذا بعد أن تبنى مجلس محافظي «الوكالة الذرية» التابعة للأمم المتحدة، يوم الخميس، قراراً يلزم طهران بـ«التعاون الكامل ودون تأخير» مع الالتزامات المرتبطة باتفاق الضمانات الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، والذي يتضمن «تقديم المعلومات وإتاحة الوصول» إلى المنشآت النووية المتضررة في الحرب الـ12 مع إسرائيل، وأشار القرار أيضًا إلى ضرورة كشف مصير 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وهي الكمية التي تطالب الوكالة بتوضيح بشأنها منذ خمسة أشهر.

نقلت وسائل إعلام إيرانية، اليوم السبت، عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي، النائب إبراهيم رضائي، أن كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، قدم تقريراً اعتبر فيه قرار الوكالة «غير قانوني» و«يفتقر للأساس الحقوقي»، مطالباً بالرد «بشكل متناسب»، كما أعلن إبلاغ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإلغاء تفاهم «القاهرة» السابق دون تقديم تفاصيل إضافية.

كما تم تقديم تقرير موازٍ من قبل بهروز كمالوندي، نائب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، والذي طرح مقترحاته بشأن سبل الرد الممكنة، وأوضح رضائي أن أعضاء اللجنة انتقدوا بشدة القرار الصادر عن الوكالة، واعتبروه «سياسي» و«غير قانوني»، مؤكدين على أهمية اتخاذ موقف صارم تجاه ما وصفوه بـ«القرار الجائر».

تناول الاجتماع أيضًا مسودة مشروع قانون «للإجراء المتقابل» ضد «القرارات العدائية»، في إشارة إلى «الانتهاكات الجسيمة» من بعض الأطراف المعنية بالاتفاق النووي وآلية «سناب باك»، وأوضح رضائي أن هذه المسودة تتضمن ست مواد تحدد مهام عدد من المؤسسات الحكومية في مجالات مجموعة متنوعة تشمل الرد النووي، توسعة القدرات الاستراتيجية والدفاعية، ملفات قانونية وأمنية، ولا يزال المشروع في مرحلة أولية، حيث يخضع لمزيد من الدراسة وفقًا لرضائي.

كما تم تناول موضوع المفاوضات مع الولايات المتحدة في سياق النقاش، وشدد رئيس اللجنة، النائب إبراهيم عزيزي، في ختام الاجتماع على ضرورة عدم إظهار أي ضعف أمام «العدو»، منتقدًا بعض النقاشات المرتبطة بإمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة، مما يعكس استمرار الخلافات الداخلية بشأن مسار الدبلوماسية.

وأكد عزيزي أن أي تفاوض مع واشنطن «يضر بالمصالح الوطنية وبالشعب الإيراني»، مشيرًا إلى أهمية الرد الحازم على المطالب المبالغ فيها من قبل الوكالة الذرية، وجاء تحذير عزيزي في وقت استأنف فيه الإعلان عن جدول أعمال وزير الخارجية، عباس عراقجي، فرص استئناف المفاوضات مع القوى الغربية.

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، يوم الجمعة، عن زيارة مرتقبة لعراقجي إلى عُمان وهولندا هذا الأسبوع، حيث سيسافر عراقجي، يوم الاثنين المقبل، إلى مسقط للمشاركة في اجتماعات «منتدى مسقط» واللقاء بنظيره العُماني، بدر البوسعيدي، كما سيشارك، يوم الثلاثاء، في الاجتماع السنوي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي بهولندا.

مع الإعلان عن سفر عراقجي، ارتفعت التكهنات بشأن احتمال بدء مفاوضات بين إيران والدول الغربية، وفقًا لموقع «أنصاف نيوز» المقرب من الرئاسة الإيرانية، الذي أشار إلى أن «الإشارة غير المباشرة» التي أدلى بها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حول وجود حوار بين طهران وواشنطن، قد زادت من اهتمام وسائل الإعلام بجولة عراقجي.

شروط التفاوض

قطعت طهران وواشنطن شوطًا في خمس جولات تفاوضية حول ملف التخصيب، قبل أن تتفجر الحرب في الأيام الـ12 بضربات إسرائيلية تلتها نيران أميركية استهدفت مواقع نووية، مما أدخل المفاوضات في مرحلة جمود، رغم التمسك بخيار التسوية من كلا الجانبين وفق شروطهما، ولا تزال طهران تتهم الولايات المتحدة بـ«خيانة الدبلوماسية» بسبب وقوفها بجانب حليفتها إسرائيل خلال حرب يونيو، وتصر على أن أي اتفاق جديد يجب أن يشمل رفع العقوبات الأمريكية التي أضرت باقتصادها النفطي، أما واشنطن، فتشترط على إيران وقف تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وتقييد برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة، وهي مطالب تعتبرها طهران «مرفوضة وغير قابلة للتفاوض».

حذر ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من أنهما «لن يترددا في توجيه ضربة جديدة لإيران» إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم، وتؤكد العواصم الغربية أن مسار تخصيب اليورانيوم قد يؤدي إلى إنتاج مواد انشطارية تستخدم في صناعة القنابل النووية، في حين تتهم قوى غربية وإسرائيل إيران باستخدام برنامجها النووي المدني كغطاء لإنتاج مواد تدخل في صناعة الأسلحة النووية، لكن طهران تصر على أن برنامجها مخصص للأغراض السلمية، متعهدة بانتقام «ساحق» في حال شنت إسرائيل أي هجوم جديد عليها.

قبل التعرض لهجمات على منشآتها النووية، كانت إيران تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، وهو قريب من مستوى 90 في المئة المطلوب للاستخدامات العسكرية، وتفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على السلاح النووي التي تخصب اليورانيوم عند مستوى 60 في المئة، وأوضحت تقارير غربية مؤخرًا أن إيران كانت قد سرعت وتيرة البناء في موقع نووي سري تحت الأرض يسمى «جبل الفأس» بالقرب من منشأة نطنز.

يوم الجمعة، انتقد عراقجي قرار «الوكالة الذرية» بشدة، متهمًا الولايات المتحدة والدول الأوروبية بـ«السعي إلى رفع مستوى التوتر»، وحمل هذه الدول مسؤولية ترك بلاده تفاهمًا أبرمته مع «الوكالة الذرية» بوساطة مصرية في سبتمبر، لتنظيم ترتيبات جديدة للتفتيش بناءً على المستجدات التي فرضتها الحرب الأخيرة، كما أدلى عدة مسؤولين إيرانيين ونواب برلمانيون بتصريحات مشابهة حول نهاية الاتفاق، بما فيهم الوزير نفسه، بعد إعادة تفعيل العقوبات الأممية على طهران مع بداية أكتوبر.

كتب عباس عراقجي على قناته في «تلغرام»، يوم الأربعاء، أن طهران «لن تقبل مطلقًا بسياسة التخصيب الصفري»، واعتبر قبول وقف التخصيب في إيران «خيانة»، ورفض السماح بتفتيش المنشآت النووية التي تعرضت لهجوم من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو، وأكد أن المطالب الأمريكية تظل «ضارة بمصالحنا الوطنية»، مستبعدًا إجراء أي محادثات حول برنامج بلاده الصاروخي أو قدراتها الدفاعية الأخرى.

قال كمال خرازي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد الإيراني علي خامنئي، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، إن «شروط إيران لم تتغير»، وأكد تمسك طهران بتخصيب اليورانيوم، مشيرًا إلى أن أي مفاوضات مستقبلية ستكون مركزة على «درجة التخصيب» بدلًا من توقفه، مؤكدًا أن برنامج الصواريخ الباليستية «خارج طاولة المفاوضات»، مشددًا على أن الملف النووي هو الوحيد القابل للنقاش مع الولايات المتحدة.

في وقت سابق من نفس اليوم، قال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض، إن «إيران ترغب في إبرام صفقة، وأعتقد أنهم يريدون ذلك بشدة، أنا منفتح تماماً، ونتحدث معهم، وبدأنا العملية»، مضيفًا: «سيكون من الجيد أن يكون هناك اتفاق مع إيران، وأعتقد أنهم يحرصون بشدة في هذا الجانب».

كان خرازي قد أدلى بتصريحات، يوم الأحد، أمام منتدى طهران للحوار، بأن بلاده لن تستسلم أبدًا، داعيًا الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات حقيقية مع طهران، وخاطب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قائلًا: «تعالوا إلى مفاوضات حقيقية مع إيران؛ مفاوضات قائمة على الاحترام المتبادل ومبدأ المساواة، نحن لا نهرب من التفاوض، لكن لن ندخل مفاوضات تفرض بالقوة أو الحرب».

وردًا على ترمب، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في بيان، إنه «لا توجد حاليًا أي عملية تفاوضية بين إيران والولايات المتحدة»، مضيفًا: «كما أكد وزير الخارجية مرارًا، ليس هناك مبرر منطقي للتفاوض مع طرفٍ لا يؤمن بالطبيعة الثنائية للتفاوض، ويتباهى باعتداءاته العسكرية على إيران، ويسعى بوضوح لفرض إملاءاته».

أثارت تصريحات ترمب حول ضرب المنشآت النووية غضب المسؤولين الإيرانيين، حيث وصف المرشد الإيراني، علي خامنئي، تلك التصريحات بأنها «واهمة»، ورفض عرض ترمب لاستئناف المفاوضات، مشيرًا إلى أن «ترمب يدّعي أنه صانع صفقات، لكن الصفقات القائمة على الإكراه ليست سوى فرض واستقواء».

الجدل الداخلي… «مشروع استقطاب»

نفى مستشار مقرب من رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، وجود أي مفاوضات مع واشنطن، مؤكدًا عدم وجود وساطات إقليمية، حيث قال مهدي محمدي، مستشار قاليباف: «لا توجد أي مفاوضات خلف الكواليس بين إيران والولايات المتحدة، ولا حتى أفق لمثل هذا المسار»، مضيفًا: «الضجة الدائرة في وسائل التواصل الاجتماعي حول محتوى مفاوضات غير موجودة، حلقة فارغة».

أشار محمدي إلى أن هناك قناعة شبه إجماعية لدى صانعي القرار في إيران بأن الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي يفكران في إسقاط إيران، وأن لا رغبة حقيقية في واشنطن للتوصل إلى تفاوض أو اتفاق فعلي، حيث أوضح أن تجربة الحرب الأخيرة تشير بوضوح إلى ضرورة الاستعداد للمواجهة، وعدم التعويل على اتفاق مع أميركا المتأثرة بتأثيرات إسرائيل، وأردف: «من المنظور الاستراتيجي، ما دامت الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي يستعدان للهجوم التالي، فعلى إيران أن توجه طاقتها نحو تطوير الجهوزية، بدلاً من التعويل على مفاوضات تهدف- بحسب تعبيره- إلى «إخراج المواد من إيران، واستكمال الثغرات الاستخباراتية تمهيدًا للحرب، لأنه لا يصح أن نلدغ من الجحر نفسه مرتين خلال أشهر قليلة».

اعتبر محمدي أن الجدل الداخلي بشأن التفاوض لم يعد سوى مشروع لخلق استقطاب داخلي من قبل أطراف تعتمد على وجودها السياسي على الصراع، مؤكدًا أن الموضوع «محسوم وواضح» لدى الجهات التي بيدها القرار، موضحًا أن الحرب قد غيرت الكثير من المعادلات، وتساءل: «ما معنى هذا القدر من النزاع الداخلي في إيران، بينما العدو لم يتراجع قيد أنملة عن نواياه؟».

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *