تعيش قرى ترسا، نقاليفة، الرافعى، أبوناعورة، السعيدية، وعليوة بمركز سنورس في محافظة الفيوم حالة من الحزن العميق، بعد فقدان أربعة من شبابها في حادث مروري مأساوي بالمملكة العربية السعودية.
تسارع مشاعر الأسى
انفجرت مشاعر الحزن منذ اللحظات الأولى لنبأ الحادث، الذي أسفر عن وفاة عيد رمضان غياض من قرية ترسا، وأحمد عبدالعليم وإسلام سعيد من نقاليفة، وعبدالرحمن سعيد محمد سليمان من الرافعى، وعمرو أحمد سيد حسان من أبوناعورة، وعلى بكرى عبدالله الجابرى من السعيدية، بالإضافة إلى شخص مجهول تبين لاحقًا أنه من أبناء قرية عليوة، وأشارت المعلومات الأولية إلى وجود مصابين آخرين كانوا ضمن الرحلة التي انتهت بفاجعة أصابت القرى الست وكسرت قلوب أهلها.
استقبال الجثامين في مطار القاهرة
استقبل مطار القاهرة الدولي جثامين أربعة من الضحايا، في مشهد يعكس فداحة الموقف، ومنذ الصباح الباكر، توافدت العائلات وذوو الراحلين إلى الصالة، وجوههم تعكس الحزن والترقب والإنهاك، توقف الزمن لحظة رؤية صناديق الجثامين الملفوفة بالأعلام، وحلّ صمت ثقيل قطعه نحيب الأمهات وبكاء الرجال في مشهد اختلط فيه الدعاء بالصدمة، وأعاد إلى الأذهان تفاصيل آخر اتصال والأحلام التي لم تتحقق.
إجراءات نقل الجثامين
تسارعت الجهات المعنية في إنهاء الإجراءات الرسمية لنقل الجثامين إلى ذويهم، حيث تابعت الملف منذ لحظة الإبلاغ عن الحادث وحرصت على تسهيل كل خطوات التسلم وإعادة الضحايا إلى أرض الوطن، وما إن اكتملت الإجراءات، حتى شرعت سيارات النقل الجنائزي في التحرك نحو الفيوم، يتقدمها أفراد العائلات في موكب جنائزي أثار التعاطف لدى كل مَن شاهده على الطريق.
الاستعدادات في القرى المنكوبة
في القرى المنكوبة، اصطف الأهالي أمام منازل الضحايا في انتظار وصولهم بعد ساعات من الألم والترقب، استعدادًا لصلاة الجنازة ودفنهم في مقابر العائلات، وتم تأكيد هويات الضحايا الذين سقطوا في الحادث، وهم: عبدالرحمن سعدالله من دوار الرافعى، وعلى بكرى الجابرى من السعيدية، وأحمد عبدالستار (عبدالعليم إبراهيم)، وعمر أحمد سيد حسان من أبوناعورة، جميعهم شباب عملوا لسنوات في السعودية بحثًا عن رزق كريم، فكان نبأ رحيلهم صاعقًا لكل من عرفهم.
مشاعر الحزن في المجتمع
قال محمد علي، أحد أقارب الضحايا، إن الحزن عمّ المحافظة بأكملها، وإن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى دفاتر عزاء مفتوحة، ملؤها رسائل الوداع والدعاء، وكلمات تعيد إلى الأذهان سيرهم الطيبة وأعمال الخير التي لم تنقطع منذ سفرهم، وأكد أن الوجع لا يخص عائلة واحدة بل يؤثر على المجتمع بأسره، خاصة أن الضحايا كانوا معروفين بسيرتهم الحسنة وتفانيهم في العمل.
التضامن في اللحظات العصيبة
تتواصل الاستعدادات في المقابر، إذ يجهز الأهالي مواقع الدفن بالتعاون مع العائلات الكبرى التي تنظم مراسم الجنازة وتقدم الدعم والسند للسيدات والأطفال الذين صعقهم رحيل أحبتهم دون فرصة لوداعهم الأخير، وتملأ مشاهد الانهيار والبكاء المكان، معبرة عن حجم الفقد الذي أصاب القرى الست دفعة واحدة.
التعازي والدعوات
وأضاف إبراهيم محمود، من أهل الضحايا، أن القرى تشهد تضامنًا واسعًا، إذ تتوافد الوفود من مختلف المناطق لتقديم التعازي ومساندة الأسر، وتعمل الجمعيات الأهلية على دعم العائلات وتسهيل إجراءات الدفن وتوفير ما يلزم خلال الأيام الأولى من الحداد، في رسالة مؤثرة تؤكد أن المصاب أكبر من أن يتحمله بيت واحد.
أجواء العزاء والذكريات
من جانبه، قال علي محمد من الفيوم إن الأهالي يرفعون أكف الدعاء مع اقتراب لحظة الدفن، راجين رحمة الله للضحايا وأن يجعل مصابهم شهادة في درجاتهم، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأوضح أن كل قصة من قصص الراحلين تختصر رحلة كفاح طويلة بحثًا عن رزق حلال لأسرهم ليعودوا اليوم داخل صناديق خشبية تنتظر أن توارى الثرى.
استمرار لحظات التأثر
تستمر لحظات التأثر بين كل مَن شهدوا تسلم الجثامين، فبينما يوثق البعض ما حدث بالصوت والصورة، يختار آخرون الصمت احترامًا للمصاب الجلل، ويؤكد أقارب الضحايا أن ما يعزز صبرهم هو التفاف الناس حولهم، والدعوات المتواصلة في المساجد والبيوت وصفحات التواصل الاجتماعي.
