«ضغط صندوق النقد الدولي يُوقف صفقة طيران ضخمة»

«ضغط صندوق النقد الدولي يُوقف صفقة طيران ضخمة»

طائرة تابعة لشركة مصر للطيران في مطار القاهرة – 3 يونيو 2024 (Getty)

في خطوة تعكس التزام الحكومة المصرية بمبادئ الانضباط المالي المطلوبة من صندوق النقد الدولي، رفضت وزارة المالية تقديم الضمانات اللازمة لشركة مصر للطيران لتمويل شراء 16 طائرة جديدة من طراز A350-900، مما دفع الشركة للبحث عن خيارات التمويل عبر شركات تأجير دولية، حيث سيتم إتمام الصفقة وفق نظام البيع وإعادة الاستئجار، ويأتي هذا القرار في إطار التوجيهات التي تلقتها الحكومة قبل وصول بعثة تقييم البرنامج الاقتصادي، والذي يتطلب مزيدًا من الضبط للدين العام وتقليص الضمانات السيادية وتعزيز استقلالية السياسة النقدية وسعر الصرف، مما يعد شرطًا أساسيًا لاستكمال المراجعتين المقررتين في ديسمبر ويناير.

توقيع اتفاقية جديدة مع BOC Aviation

أعلنت “مصر للطيران” في بيانها الأخير عن توقيع اتفاقية مع شركة BOC Aviation Limited السنغافورية، للحصول على 11 طائرة من طراز إيرباص A350-900 عبر دفعات، وجاء هذا الاتفاق بعد فشل الشركة في الحصول على ضمانات حكومية للموردين الأوروبيين، رغم أنها حصلت مسبقًا على خمس طائرات مماثلة بقروض مضمونة من وزارة المالية، لكنها واجهت عوائق عندما ضغط صندوق النقد الدولي على الحكومة لحظر تقديم ضمانات جديدة تزيد من أعباء الخزانة العامة.

تفاصيل هيكلة الصفقة الجديدة

أوضح الطيار أحمد عادل، العضو المنتدب للشركة القابضة لـ”مصر للطيران”، أن الشركة السنغافورية ستقوم بشراء الطائرات المتبقية من “إيرباص” وإعادة تأجيرها لـ”مصر للطيران”، مع تخصيص واحدة بنظام التأجير التشغيلي واثنتين بنظام التأجير التمويلي، ومن المقرر وصول الطائرة الأولى في ديسمبر المقبل، مع استكمال الدفعات حتى عام 2026، ورأى عادل أن هذه الصفقة تمثل دعمًا لخطوط الشركة الطويلة الأمد، وتساهم في إحلال طائرات بوينغ 777 القديمة بشكل تدريجي، مما يعزز انتشار الشركة إقليميًا ودوليًا.

التحديات مع الطائرات القديمة

يشير خبراء من اتحاد الغرف السياحية والفندقية إلى أن استعجال “مصر للطيران” لإتمام الصفقة الجديدة يعكس محاولاتها لمواجهة التدهور الحاد في مستوى الخدمة وجداول التشغيل، بعد استبعاد 12 طائرة إيرباص A220-300 التي واجهت عيوبًا فنية خطيرة، بما في ذلك مشكلات في المحركات والهياكل وأنظمة الاتصال، مما اضطر الشركة لإعادة بيعها كقطع غيار، واستخدام العائدات لتسوية الالتزامات المالية المتأخرة منذ عام 2022.

استراتيجية جديدة للخروج من الأزمة المالية

كشف مصدر رفيع في الاتحاد لـ”العربي الجديد” أن بيع تلك الطائرات الـ12، بعضها لم يُستخدم إطلاقًا، كان يهدف لتحسين الوضع المالي للشركة، الأمر الذي سيمكنها من إتمام صفقة الـ16 طائرة الجديدة، ولكنها فوجئت برفض حكومي غير متوقع لاستكمال الصفقة بسبب الالتزامات الموقعة، مما أجبرها على إعادة هيكلة الصفقة بالكامل عبر التمويل التأجيري، وأشار المصدر إلى توجيهات صندوق النقد للحكومة لتسهيل التعاون مع الشركات العالمية، مثل الشركة السنغافورية، كخيار معتمد لتمويل الدول التي لا تستطيع تقديم ضمانات حكومية.

المباحثات القادمة مع صندوق النقد

وفي السياق نفسه، تستعد بعثة صندوق النقد لإجراء مباحثات مكثفة الأسبوع المقبل مع المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء والبنك المركزي، لوضع استراتيجية للتغلب على أزمة الدين العام الذي تجاوز 162 مليار دولار، بالإضافة لتقليص عدد الشركات الحكومية التي تتلقى ضمانات سيادية، ووضع حد زمني لهذه الضمانات للمرة الأولى، وتتضمن توصيات الصندوق إلزام الشركات العامة بوضع خطط لإعادة الهيكلة، وتشجيع القطاع الخاص على الدخول في مجالات النقل والطيران، والاعتماد بشكل أكبر على التأجير بدلاً من التملك.

الآثار المحتملة على قطاع النقل

أكدت مصادر اقتصادية لـ”العربي الجديد” أن قطاع النقل سيكون من الأكثر تأثرًا بالضغوط القادمة من صندوق النقد، حيث تتجاوز قيمة مشروعاته المخطط لها نحو 25 مليار يورو حتى عام 2030، وتعتمد جميعها على الضمانات الحكومية لتسهيل التمويل، ووفقًا للمصدر، فإن وقف هذه الضمانات سيؤدي إلى تباطؤ التعاقدات، وإعادة تقييم الجدوى الاقتصادية للمشروعات، وزيادة الاعتماد على التمويل المحلي للمشروعات الأكثر إلحاحًا، إلى جانب إمكانية تعديل مراحل التنفيذ لتقليل التكاليف، ورفع أسعار النقل تدريجيًا للوصول إلى تعرفة تشغيلية تغطي جزءًا أكبر من النفقات، مع فتح المجال أمام مستثمرين أجانب وصناديق خليجية للمشاركة في تمويل المشروعات الاستراتيجية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *