في تطور مأساوي حزين، تحول حلم عائلة مصرية في البحث عن مستقبل أفضل إلى تجربة قاسية، فقد فقدت الأسرة ثلاثة أرواح بريئة في حادث مروري مأساوي بالرياض، المهندس أحمد عبد العليم وزوجته الدكتورة آية سلمان وطفلهما الرضيع سليم، رحلوا بعد خمسة أشهر فقط من بدئهم رحلتهم، تاركين خلفهم قصة حب ستظل في ذاكرة كل من عرفهم.
حكاية إنسانية نادرة
لم تكن الحادثة مجرّد واقعة مرور عابرة، بل اختتمت حكاية إنسانية مليئة بالإيمان والوطنية، أحمد، خريج كلية الهندسة من جامعة بنها عام 2012، كان يُعتبر “قلباً يمشي على الأرض” كما قال أحد أصدقائه، عمل في مشاريع تنمية سيناء مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وكان يؤكد دوماً: “سينا.. هنُعمر بلدنا بإذن الله”، وخلال كل شتاء، كان يشارك على فيسبوك: “كل شيء جميل في الشتاء إلا ارتعاشة الفقراء.. اللهم ارحم كل فقير يرتعش برداً”، فقد كان قلبه مليئاً بالرحمة حتى للغرباء.
انتظار طويل وأحلام محطمة
القصة تصبح أكثر عمقاً حين نعرف أن أحمد وزوجته انتظرا أربع سنوات بعد زواجهما في يناير 2020 ليرزقا بطفلهما سليم، وكان يقول لمن حوله: “أريد سليم أن يشرفني ويشرف بلده.. أريد أن أراه ناجحاً ورافعاً رأسي”، لكن القدر لم يمهله لرؤية هذا الحلم يتحقق، فالطفل الذي يحمل آمال والديه لم يكتمل سوى سبعة أشهر في عمره، أحمد، الذي كان يُصلي بالناس بصوته العذب في تلاوة القرآن، وقدم خدماته في مستشفى 57357 بشكل تطوعي، ترك إرثاً من العطاء لا يُنسى.
ذكريات عاطفية وأسئلة مؤلمة
فقدت الأم أسمهان ابنها الذي “لا يبدأ عملاً دون دعائها”، والأخت رشا، التي كان يناديها “أمي وأختي وحبيبتي وصاحبتي”، تعيش الآن كابوساً مراً لن ينتهي، تُبرز هذه المأساة العديد من الأسئلة المؤلمة حول هجرة الكفاءات المصرية بحثاً عن فرص أفضل، وتذكرنا بأن الحياة أقصر وأثمن من أن نؤجل الحب والخير، كما تسلط الضوء على ضرورة تحسين معايير السلامة على الطرق، خاصة للمسافرين الذين يتركون أوطانهم بحثاً عن مستقبل أفضل لأطفالهم.
درس من الحياة والفقد
رحل أحمد وآية وسليم “كما بدأوا.. مجتمعين، متحابين” كما قال أحد الأقارب، تاركين خلفهم ذكريات لا تُنسى وأسئلة شائكة، تؤكد قصتهم على أن الموت لا يسأل عن العمر أو الأحلام، وأن الحياة هدية ثمينة يجب أن نقدرها في كل لحظة، فهل ستكون قصة أحمد وعائلته درساً لنا جميعاً لنعبر عن تقديرنا لما لدينا ونعطي أكثر مما نأخذ، أم ستمر كغيرها من المآسي في بحر أخبار العالم؟
