في 90 دقيقة فقط يوم 26 نوفمبر، يتوجه 23 مليون روح سودانية نحو مفترق طرق مصيري، حيث يتطلعون لتحقيق حلم يمتد لأربعة عقود كاملة، الرجل الذي أطلق عليه اسم أسطورة إثيوبية، أصبح بدوره أسطورة سودانية، يُقدّر اليوم بمعجزة قد تعيد كتابة تاريخ الكرة في أرض السودان، عبد العزيز زكريا “منقستو” يحمل بريق الأمل في عينيه أثناء حديثه عن مباراة ستحدد مصير جيل كامل.
المعركة الكروية الحاسمة
على ملعب ثاني بن جاسم في قطر، ستدق الساعة السابعة مساءً معلنة بداية معركة كروية فاصلة بين السودان ولبنان، وهي مباراة تحمل على عاتقها آمال شعب بكامله، منقستو الذي أضاء ملاعب الثمانينيات بمهاراته الاستثنائية مع الهلال السوداني والمنتخب الوطني، يستذكر بحماس: “كنت أصغر اللاعبين سناً، وحظيت بشرف اللعب إلى جانب أسماء بارزة صنعت تاريخاً لا يُنسى”، أحمد الطيب، مشجع سوداني في الأربعين، يتابع بقلق شديد: “منقستو كان حلمنا في الصغر، واليوم نحلم بأن يرى أبناؤنا معجزة مماثلة”.
عودة إلى العصر الذهبي
في فترة كانت تشهد السودان عصراً ذهبياً لا يُنسى، كان منقستو أحد النجوم الذين حفروا أسماءهم بأحرف من ذهب في ذاكرة الكرة العربية، النجاح الكبير الذي حققته النسخة السابقة من كأس العرب في قطر أعاد إشعال جذوة الحماس العربي، وها هو اليوم يقف أمام فرصة تاريخية لإحياء تلك الأيام المجيدة، د. محمد الأمين، مؤرخ الرياضة السودانية، يؤكد: “التأهل سيعيد الثقة لجيل كامل من اللاعبين والمشجعين، كما فعل منقستو في زمانه”.
فرصة لتوحيد الشعب
بينما تخفق 23 مليون قلب سوداني في انتظار صافرة البداية، تحمل هذه المباراة في طياتها أكثر من مجرد تأهل رياضي، إنها فرصة لتوحيد الشعب حول هدف واحد، ونافذة أمل في ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد، سالم عثمان، الذي عاصر عصر منقستو الذهبي، يقول بعيون دامعة: “لا زلت أتذكر أهدافه التي أبكتنا فرحاً، وأحلم أن أرى فرحة مماثلة قبل أن أغادر هذا العالم”، في حالة التأهل، يتوقع الخبراء انفجاراً في الاستثمار في الكرة السودانية وعودة قوية للمشهد العربي والإفريقي.
رمز وطني خالد
منقستو، الذي تحول من طفل بسيط إلى رمز وطني خالد، يقف اليوم كجسر يربط بين ماضٍ ذهبي ومستقبل مأمول، كلماته تحمل وزن التاريخ وثقل المسؤولية: “كرة القدم ليست مجرد رياضة، بل إنها حياة بكل تفاصيلها”، بينما تشرق شمس يوم 26 نوفمبر على أرض قطر، يبقى السؤال الذي يحرق القلوب: هل ستعيد كرة القدم السودانية كتابة التاريخ مرة أخرى؟
