«رحلة إلى كأس العالم تحت إشراف مدرب افتراضي» هايتي تتأهل بخطة مبتكرة

«رحلة إلى كأس العالم تحت إشراف مدرب افتراضي» هايتي تتأهل بخطة مبتكرة

قبل الساعة الخامسة مساءً بقليل في الـ12 من يناير عام 2010، ضرب زلزال قوي بلغت قوته 7.0 درجات دولة هايتي، الواقعة في جزيرة هيسبانيولا بجزر الأنتيل الكبرى في البحر الكاريبي، شعر الناس بالزلزال في أماكن بعيدة مثل كوبا وفنزويلا، وكانت الآثار كارثية، وفي ليلة 9 فبراير، أعلنت الحكومة الهايتية عن دفن 230.000 شخص في عاصمة المنطقة المنكوبة فقط في مقابر جماعية، كما تعرضت جميع مستشفيات العاصمة لأضرار جسيمة، وكذلك مطار العاصمة بورت أو برنس وميناؤها البحري، الذي أصبح غير صالح للعمل، كما تأثرت خدمات الاتصالات بشكل كبير، وأصبحت الطرق الرئيسية غير سالكة، وتضررت المنازل جميعها بشكل لا يمكن إصلاحه، الزلزال المدمر لم يخلف القتلى والمصابين والبيوت المنهارة فقط، بل ترك في البلاد فوضى كبيرة، انتهت لسيطرة العصابات المسلحة وعصابات المخدرات على أغلب مناطق العاصمة بورت أو برنس، لتطال أعمال العنف، ونزوح أكثر من مليون شخص خارج البلاد، وأصبح الفقر والجوع والنهب في كل الأنحاء عنواناً للبلد الواقعة في أمريكا اللاتينية.

العودة إلى كرة القدم

كانت الساحرة المستديرة تنتظر وحدها لحظة تعيد فيها البسمة والفرحة لتلك الوجوه السمراء العاشقة لكرة القدم، وتزين شرفات البيوت المنهارة بصور ميسي ورونالدو ومحمد صلاح ومن قبلهما مارادونا، تصفيات مونديال 2026 وحلم التأهل للمرة الثانية إلى كأس العالم بعد غياب دام 52 عاماً، منذ ظهورها الوحيد في مونديال ألمانيا عام 1974، سيناريو صعب ودرب من الخيال لمنتخب يعاني من أزمات متعددة، لا يملك ملعباً داخل عاصمته، ولا أمل في سماع أهازيج أنصاره ومشجعيه، ولا «تيفو» يحمل عبارات السند والمؤازرة في مهمة صعبة، لا بطولة دوري، ولا كأس محلية منذ مواسم عدة، لا مسابقات للناشئين والمراحل السنية، ولا مدد من جيل صاعد.

التحدي في أوقات صعبة

في تلك اللحظة، جاء الحلم مجسداً في شخص خارج الصورة تماماً، سيباستيان مينو الفرنسي صاحب الـ52 عاماً، ليتولى تدريب منتخب هايتي في وقت صعب للغاية، ويقول إن مجرد التعادل في أي مباراة بتلك الظروف سيكون بمثابة أعظم الإنجازات، وسط إرهاب العصابات المسلحة التي دمرت ما تبقى من الرياضة في هذه الأمة الشغوفة بكرة القدم، وافق الفرنسي على تولي المهمة، واصطحب لاعبي المنتخب في معسكر تدريبي بجزيرة قريبة من سواحل فنزويلا، اسمها «كوراساو»، على بعد 500 كم من هايتي.

تدريب عن بعد

وبالفعل تولى مهمة التدريب «أونلاين»، نعم عن طريق برنامج «زووم»، وفي حواره مع مجلة «فرانس فوتبول» قال: السفر إلى هايتي مستحيل، الوضع هناك خطير للغاية، أُقيم في البلاد التي أعمل فيها، لكنني لا أستطيع في هذه الحالة التواجد مع منتخب هايتي، كما أنه لا توجد رحلات جوية دولية إلى هناك، جمعت معلوماتي عن اللاعبين المحليين في هايتي من خلال اتحاد كرة القدم بالهاتف، وقولت لهم: أعطوني المعلومات وأنا أُشرِف على المنتخب «عن بُعد»، وافقوا على الفور، واستدعيت محترفين خارج البلاد، وكانت المفاجأة الكبرى، حقق منتخب هايتي تأهله الثاني في تاريخه إلى المونديال، وتصدر مجموعة ضمت هندوراس وكوستاريكا ونيكاراجوا، التي فاز عليها 2 – 0 في الجولة الأخيرة من تصفيات الكونكاكاف، ويتأهل لكأس العالم 2026، لتصبح تلك المعجزة هي المكافأة لمنتخب تأهل لأقوى بطولة في عالم كرة القدم بدون تدريب واحد مع مدربه، ولا مباراة واحدة داخل أرضه.

حلم قد يتبدد

الشيء المحزن بعد التأهل، أنه قد يُحرم مشجعو منتخب هايتي من مساندة فريقهم في كأس العالم 2026، التي ستقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، رغم أنها تأهلت رسمياً إلى البطولة، لكن الأمر التنفيذي الذي وقعه دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، في يونيو الماضي، والذي أدرج 12 دولة في قائمة الحظر، قد يحرم الجماهير من مساندة منتخبهم في فعاليات كأس العالم، وينص الأمر التنفيذي على أن المواطنين من الدول الـ12، التي من بينها هايتي، لا يمكنهم السفر إلى الولايات المتحدة، وبرر ترامب قراره بحماية الأمن القومي والمصلحة الوطنية للولايات المتحدة وشعبها، وبموجب القرار، يحظر على مواطني هايتي، سواء المهاجرين أو غير المهاجرين، دخول الولايات المتحدة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *