«مغامرة مثيرة في الأجواء: مراجعة لعبة Kirby Air Riders»

«مغامرة مثيرة في الأجواء: مراجعة لعبة Kirby Air Riders»

منذ اللحظة الأولى التي كُشف فيها عن Kirby Air Riders على Nintendo Switch 2، كان واضحًا أن اللعبة ليست مجرد عودة عابرة لكيربي إلى عالم السباقات، بل محاولة جادة لإعادة تعريف فكرة “لعبة سباق” داخل هذا العالم الوردي، اسم ماساهيرو ساكوراي وحده يكفي ليعطيك انطباعًا بأن التجربة لن تكون تقليدية، وهذا بالضبط ما تفعله Air Riders: تضعك في سباقات سريعة، لكنها في الحقيقة أقرب إلى ساحة قتال متنكرة في شكل مضمار.

هوية اللعبة

الهوية العامة للعبة تقوم على خليط غريب وممتع في آن واحد، الإيقاع سريع، الشاشة ممتلئة بالمؤثرات البصرية، وكل سباق يتحول تدريجيًا إلى عراك جماعي أكثر من كونه سباقًا نظيفًا على خط النهاية، تشعر بروح Super Smash Bros في طريقة بناء المواجهات، وفي تصميم الضربات الخاصة والقدرات، وفي طريقة تشجيع اللعبة لك على المخاطرة، واللعب العدواني، واستغلال البيئة والقدرات في اللحظة الصحيحة، نعم، هناك خط نهاية وتوقيت وترتيب، لكن الشعور الحقيقي الذي يبقى في ذهنك بعد كل جولة هو أنك خرجت من معركة لا من سباق.

أسلوب اللعب

أسلوب اللعب نفسه بسيط ظاهريًا لكنه يحمل طبقات من العمق، المركبات تتحرك تلقائيًا، ولذلك أنت لا تضغط على زر للتسارع كما تعوّدنا في ألعاب الكارت، بل تركز على التوجيه، وعلى الفرملة الموقّتة، وعلى شحن الانطلاقات القوية، وعلى استغلال قدرات كيربي عندما يبتلع الأعداء ويحصل على Copy Abilities مختلفة، هذا القرار التصميمي يجعل كل ثانية مهمة، أي خطأ صغير في زاوية أو توقيت قد يحوّل تفوقك إلى سقوط مفاجئ خارج المسار، ومع وجود مجموعة كبيرة من الشخصيات القابلة للعب، لكل منها ضربة خاصة مختلفة، يبدأ أسلوب اللعب في كشف وجهه الحقيقي: هذه لعبة تبني هويتك فيها عبر الاختيارات المتراكمة، لا عبر حفظ زر أو اثنين فقط.

العلاقة بين الشخصية والمركبة

العلاقة بين الشخصية والمركبة تشبه علاقة المقاتل بسلاحه في لعبة قتال، تختار Rider من عالم كيربي، ثم تربطه بمركبة لها خصائص محددة من حيث السرعة، والقدرة على الانعطاف، والتحمل، والتسارع، مجموعة الاحتمالات هنا واسعة، وكل توليفة تمنحك طريقة مختلفة لمقاربة نفس المضمار، يمكن أن تبني تشكيلة عدوانية تعتمد على الاصطدامات والضربات، أو تشكيلة أكثر استقرارًا تفضل التحكم على السرعة، أو مزيجًا بين الاثنين، وهنا تكمن متعة التجربة الطويلة: لا شيء يمنعك من إعادة اكتشاف اللعبة من جديد كلما غيرت اختياراتك.

تنوع الأنماط

تنوع الأنماط يضيف بعدًا آخر مهمًا، Air Ride يقدم السباقات الأساسية بإيقاع سريع وعدد لاعبين يصل إلى ستة، بينما Top Ride يأخذ التجربة إلى منظور علوي يجعل الجولات أقرب إلى ألعاب حفلات صاخبة، مع جولات قصيرة ومباشرة، City Trial من جهة أخرى هي قلب الفوضى الجميلة في اللعبة، حيث تُرمى وسط مدينة واسعة مليئة بالأحداث العشوائية والتعزيزات، تركّب فيها مركبتك قطعة قطعة قبل حدث نهائي يحسم النتيجة، هذا النمط وحده قادر أن يبتلع ساعات من وقتك إذا أحببته، لأنه يجمع بين الاستكشاف وجمع الموارد والمنافسة المباشرة في مكان واحد، وأخيرًا يأتي Road Trip كأقرب ما يكون إلى “طور قصة” بطابع رُوغلايك، يبني رحلتك على سلسلة من التحديات المتفرعة التي تربط بين أفكار اللعبة المختلفة في إطار واحد.

طور القصة

Road Trip يقدم فكرة ذكية على الورق، فهو يستخدم سباقات ومواجهات وأنماط متنوعة في مسار طويل، يختبر فهمك للأنظمة، ويمنحك فرصة لتطوير مركباتك ومهاراتك خطوة بخطوة، لكن التطبيق على الأرض قد لا يقنع الجميع، بعض الجولات تبدو مكررة أو أطول من اللازم، والسرد القصصي بسيط للغاية، لا يستثمر فعليًا في شخصيات عالم كيربي أو في بناء حكاية تُحفر في الذاكرة، الطور مفيد كلاعب جديد يريد أن يتعرّف على أسلوب اللعب وأنماطه المختلفة، لكنه أقل جاذبية لمن يبحث عن تجربة قصصية مكتملة أو خطية، هو أقرب إلى وضع تدريب موسّع مغلف بأجواء رحلة، أكثر منه حملة قصصية حقيقية.

نظام التخصيص

أحد أقوى عناصر Kirby Air Riders هو نظام التخصيص، My Machines يتحول بمرور الوقت إلى استوديو تصميم كامل داخل اللعبة، يمكنك التحكم في ألوان مركبتك، إضافة أنماط ورسومات وشعارات، تعديل المؤثرات البصرية، وحتى ضبط تفاصيل صغيرة تجعل كل Machine أقرب إلى توقيع شخصي، لا يتوقف الأمر هنا، فهناك سوق داخلي لبيع وشراء التصاميم باستخدام عملة تُجمع من اللعب، ما يخلق تشجيعًا دائمًا على الإبداع وعلى استعراض ما تصنعه أمام المجتمع، حتى بطاقة اللاعب ورخصة السائق قابلة للتخصيص، من الأيقونات إلى الخلفيات، لتكتمل فكرة أن هذه اللعبة تعطيك مساحة كي تقول “هذا أنا” قبل أن تبدأ السباق.

الأونلاين والتجربة الاجتماعية

على مستوى الأونلاين، Paddock يقوم بدور “اللوبي الاجتماعي” الذي يجمع اللاعبين قبل التوجه إلى السباقات، يمكن لما يصل إلى اثنين وثلاثين لاعبًا الاجتماع في مساحة واحدة، تغيير مركباتهم، عرض تصاميمهم، ثم الانتقال إلى مباريات City Trial أو Air Ride أو أنماط أخرى، سواء في منافسات مصنفة أو مباريات عادية، هذه الطريقة في التنظيم تمنح التجربة طابعًا اجتماعيًا خفيفًا، يشجع على الجلسات الطويلة والانتقال السلس بين نوع وآخر من التحديات دون الإحساس بانقطاع الإيقاع، في المقابل، هذه الكثافة في الأحداث والتبديل المستمر بين الشاشات والأنماط قد تكون مرهقة لمن يفضل تجربة أبسط وأكثر وضوحًا في تدرجها.

التجربة البصرية والموسيقية

بصريًا، Kirby Air Riders أقرب إلى انفجار لوني منظم، اللعبة تشحن شاشة Switch 2 بألوان مشبعة، ومؤثرات متراكبة، وتفاصيل صغيرة في الحلبات والمدن، تجعل كل مضمار له هوية واضحة، واجهة المستخدم مستوحاة من روح Smash، لكن مع لمسة كيربي المرحة، فتشعر أن كل شيء يتحرك ويتوهج ويتفاعل مع ما تفعله، الموسيقى لا تقل أهمية؛ مزيج من ألحان كلاسيكية أعيد توزيعها وإضافات جديدة مصممة لرفع مستوى الحماس، تعطي لكل سباق إيقاعه الخاص، في بعض اللحظات، خصوصًا مع عدد كبير من اللاعبين في City Trial، قد تتحول الشاشة إلى عاصفة من الألوان والانفجارات، لدرجة تجعل تتبع موقعك أو قراءة ما يحدث لحظيًا أمرًا صعبًا، هذا الثمن تدفعه اللعبة مقابل إصرارها على تقديم عرض بصري غني إلى أقصى حد.

المحتوى والقيمة

من ناحية المحتوى والقيمة، تُطرح Air Riders كلعبة بسعر كامل، وتضع نفسها بجوار عناوين نينتندو الكبرى على Switch 2، لهذا السبب، الاستفادة القصوى منها تأتي عندما تُلعب كما صممت فعلًا: تجربة جماعية أولًا، سواء محليًا أو عبر الأونلاين، مع استغلال Road Trip للتعرّف على الميكانيكيات، والانغماس في أنظمة التخصيص والتحديات المتعددة، من يقتني اللعبة بحثًا عن طور فردي قصير ومركز قد يخرج بشعور أن المحتوى لا يخدمه بالشكل الأمثل، بينما اللاعب الذي يحب المنافسة المستمرة مع الأصدقاء والتطوير التدريجي لأسلوب لعبه وشخصيته داخل اللعبة سيجد أمامه عنوانًا يمكن أن يرافقه فترة طويلة.

Kirby Air Riders ليست لعبة سباق تقليدية يمكن تصنيفها بجوار أي عنوان كارت آخر، بل تجربة هجينة تجمع بين روح القتال الجماعي والفوضى المنظمة والتخصيص العميق، تقدم أسلوب لعب بسيطًا في واجهته، مع عمق يظهر تدريجيًا لمن يمنحها الوقت، وتلمع بشكل خاص في الأنماط الجماعية والأونلاين ونظام تصميم المركبات، في المقابل، تعاني من طور قصة أقل إقناعًا وعدد مسارات محدود وفوضى بصرية قد تنفّر من يبحث عن وضوح كامل، مع ذلك، تبقى اللعبة خطوة جريئة وملوّنة لوضع كيربي على عجلات في جيل Switch 2، وتستحق اللعب برأيي كتجربة ممتعة ومختلفة، قد لا تناسب الجميع، لكنها ستكافئ من يتقبل مزاجها ويغوص في عالمها حتى النهاية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *