في خطوة غير مسبوقة تهز أركان القطاع الخيري في المملكة، أطلق المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي أكبر حملة رقابية في التاريخ السعودي، حيث استهدف 475 كياناً في ضربة واحدة شملت إنذارات وعزل مجالس إدارة وإلغاء تراخيص، ويعكس الرقم المذهل إصدار قرار عقوبة واحد تقريباً لكل يوم في السنة، مما يشير إلى حجم المخالفات المتفشية في مجال العمل الخيري.
تفاصيل الحملة
تظهر تفاصيل العاصفة الرقابية أنه تم إصدار 397 إنذاراً بحق جمعيات أهلية، بينما جرى عزل 3 مجالس إدارة بالكامل في قرارات غير مسبوقة تعكس خطورة المخالفات، وتروي أم عبدالله، وهي متبرعة من الرياض، صدمتها بقولها: “كنت أتبرع شهرياً لإحدى الجمعيات التي تم إنذارها، وأشعر بالقلق حيال مصير أموالي التي تبرعت بها بنية خالصة.” ولم تسلم المؤسسات الأهلية من العاصفة، حيث تلقت 78 مؤسسة إنذارات، وتم إلغاء ترخيص مؤسستين وصندوق عائلي، في مشهد يذكرنا بحملات مكافحة الفساد الحكومية السابقة.
أسباب الأزمة
تمتد جذور الأزمة بعمق إلى انتشار مخالفات نظام جمع التبرعات، حيث تعامل المركز مع 77 بلاغاً وأصدر 11 مخالفة لجمع التبرعات غير النظامي، ويعلق د. سالم الخيري، خبير القطاع غير الربحي، حول الحملة بقوله: “هذه خطوة حتمية لتطهير القطاع من الممارسات المشبوهة التي تستغل مشاعر المتبرعين.” واللافت أن الحملة شملت مؤثري التواصل الاجتماعي، حيث تم استدعاء اثنين منهم للاستماع لأقوالهم حول الإعلانات المخالفة، مما يدل على توسيع دائرة الرقابة لتشمل العالم الرقمي.
التأثيرات المقبلة
ستؤثر هذه الحملة على حياة ملايين المتبرعين المعتادين على التبرع دون تقديم التدقيق اللازم في تراخيص الجمعيات، بينما تواجه آلاف الأسر المستفيدة من البرامج الخيرية خطر انقطاع الدعم مؤقتاً، وقد أعرب محمد العطاء، رئيس جمعية خيرية ملتزمة، عن ترحيبه بالخطوة قائلاً: “نؤيد هذه القرارات لأنها تحمي سمعة العمل الخيري الحقيقي وتعزز ثقة المجتمع.” ويتوقع الخبراء فترة انخفاض مؤقت في التبرعات، يتبعها زيادة كبيرة في الثقة والدعم للجمعيات الملتزمة، مما قد يفضي إلى ولادة عصر جديد من العمل الخيري المنظم.
ختام الرسالة
تتضح الرسالة من المركز الوطني: لا تساهل مع مخالف الأنظمة في قطاع حساس يمس أرواح الملايين وأموال المتبرعين المقدسة، ومع توجيه المركز للجميع بالتواصل عبر الرقم الموحد 19918 للتحقق من التراخيص، يبقى السؤال المحوري: هل ستنجح هذه الحملة التاريخية في إعادة تشكيل وجه العمل الخيري السعودي إلى الأبد، أم ستواجه مقاومة من المصالح الخفية؟
