قد تُعتبر الكويكبات نافذة مدهشة على تاريخ الكون، لكن الحقيقة المؤسفة هي أنها غالبًا ما تبدو باهتة، إذ تتشكل هذه التجمعات من الصخور الفضائية بمظهرها المعروف: صخور رمادية باهتة وعرة وعُرضة للغبار، لكن عندما نرصدها من خلال تلسكوب عن بُعد ملايين الأميال، قد نكتشف شيئًا مختلفًا.
أسرار الكويكبات إيتوكاوا وريوغو
لنلقِ نظرة على الكويكبين إيتوكاوا وريوغو، حيث أكدت وكالة الفضاء اليابانية أنهما عبارة عن أكوام من الحطام الغني بالكربون، بعد أن تم جمع عينات منهما خلال مهمتي هايابوسا وهايابوسا 2. الوضع مشابه بالنسبة لكويكب بينو، الذي أخذت مركبة أوسايرس-ريكس التابعة لناسا منه عينات في عام 2020. وعلى الرغم من أن هذه الكويكبات يُفترض أن تعكس الضوء بشكل مشابه، إلا أن الألوان تختلف، حيث يظهر ريوغو باللون الأحمر قليلاً، بينما يتلألأ بينو بلون أزرق خافت.
الالتباسات في الفروق الطيفية
قالت ميشيل طومسون، باحثة الكويكبات بجامعة بيردو: «السؤال هو: لماذا؟ لماذا تختلف أطيافهما مع أنهما يحتويان على نفس نوع المعادن؟».
التحليل العميق لعينات بينو
تُعتبر طومسون واحدة من القلائل الذين يُعهد إليهم دراسة عينات بينو، حيث قدمت وفريقها فرضية قبل الحصول على عينات الكويكب تفيد بأن الجسمين قد يتعرضان لتأثير التآكل الفضائي بطرق متفاوتة. تقول طومسون: «ربما نلاحظ خصائص مختلفة في إحدى العينتين مقارنةً بالأخرى بسبب تأثير التعرض، لكن ما نراه هو أن الأمر ليس كذلك، إنهما متشابهان جدًا من حيث كيفية تعرضهما لعوامل التعرية الفضائية».
نتائج الأبحاث حول الكويكبات
نشرت طومسون وزملاؤها مؤخرًا ثلاث أوراق بحثية مستقلة عن بينو، مستندين إلى سنوات من البحث والتحليل، ومن بين النتائج العديدة التي توصلوا إليها هو بعض الوضوح حول لغز الألوان، الذي قد يرتبط بعمر الكويكبات. تتمتع الكويكبات التي تتكون من أكوام الحطام، مثل ريوغو وبينو، بدورات فسيولوجية خاصة تحول حطام سطحها ببطء. لم تتحمل حبيبات سطح ريوغو في الوقت الحالي الظروف القاسية للفضاء سوى بضعة آلاف من السنين، بينما يتمتع بينو بسطح تعرض لنفس البيئة الكونية لعشرات الآلاف من السنين.
التنوعات في الخصائص الطيفية
أوضحت طومسون: «بدلاً من النظر إلى مسارين مختلفين لكيفية تأثير هذه العمليات على هذه الأجسام، نرى نقطتين مختلفتين في دورة واحدة حيث تتغير ألوانها، مما يعني أن خصائصها الطيفية تختلف وفقًا لعمر تعرض سطحها».
الكشف عن المكونات العضوية
تتيح البقايا المسترجعة من بينو لتومسون وفريقها تحليل محتويات الجزيئات العضوية للكويكب، حيث أعلن الباحثون في وقت سابق من العام عن اكتشاف الفوسفات في عينة بينو، والتي تُعتبر مكونات أساسية لأيض الكائنات الحية وحمضها النووي. يعتقد العديد من الخبراء أن الحياة بدأت على الأرض بفضل وصول كويكب يحتوي على هذه الأملاح وغيرها من اللبنات الأساسية، رغم أن هذه الفكرة لم تُؤكد بعد. تشبه طومسون في هذا السياق بينو والصخور الفضائية الأخرى بكبسولات زمنية بين النجوم.
دور الكويكبات في فهم أصل الحياة
قالت طومسون: «الكويكبات هي بقايا النظام الشمسي المبكر، ومن خلال دراسة الجزيئات العضوية من بينو، نحصل على فهم أفضل لأنواع الجزيئات التي ربما كانت مصدر الحياة على الأرض في بداياتها».
