موقع الدفاع العربي – 24 نوفمبر 2025: تُعتبر مقاتلة لوكهيد مارتن F-35 من الطائرات الحربية الأكثر تطوراً وقوة في صفوف القوات الجوية الأمريكية، ومع إطلاق وزارة الدفاع الأمريكية برنامج تحديث محرك الطائرة، الذي يقدر بمبلغ 2.8 مليار دولار، سوف تنتقل هذه الطائرة إلى مرحلة جديدة من التفوق، مما أثار صدمة في صناعة الطيران العسكري بالكامل.
ترقية المحرك الحالي
يهدف البرنامج إلى تحديث محرك Pratt & Whitney F-135، الذي يُعد محرك توربيني نفاث منخفض نسبة الالتفاف، ويستطيع توليد حوالي 28 ألف رطل من الدفع أثناء الرحلة التقليدية، و43 ألف رطل عند استخدام الاحتراق الإضافي، وهو مما يجعله واحداً من أقوى المحركات المستخدمة في الطائرات المقاتلة حالياً مع نسبة التفاف تبلغ 0.57:1، على الرغم من أن هذه النسبة قد تبدو منخفضة، إلا أنها مصممة لتوفير دفع عالٍ وأداء احتراق إضافي، مما يسمح بالطيران الأسرع من الصوت، على حساب كفاءة استهلاك الوقود في الرحلات الطويلة.
النسخ المتنوعة من المحرك
يتوفر محرك F-135 بعدة نسخ، تشمل النسخة التقليدية للطرازين F-35A وF-35C، والنسخة المتخصصة F-135PW600 للطراز F-35B، التي تتميز بالإقلاع القصير والهبوط العمودي، هذه النسخة تتكامل مع نظام الرفع الخاص بشركة Rolls-Royce، مما يمنح F-35 مرونة عالية في التشغيل ضمن بيئات قتالية متنوعة، وهو عنصر حاسم للسيطرة الجوية المستمرة.
التوافق مع نظام التخفي
إضافة إلى القوة والمرونة، يتمتع محرك F-135 بالتوافق مع أنظمة التخفي للطائرة، حيث تقلل ميزاته من البصمة الحرارية والرادارية، مما يجعل الطائرة أقل قابلية للاكتشاف أثناء الطيران بسرعة عالية، كما يتضمن نظام إدارة حرارية متقدماً للتحكم في الحرارة خلال المهام الحرجة، ونظام التحكم الرقمي المتكامل للمحرك الذي يراقب الأداء ويضبطه في الوقت الفعلي لضمان الكفاءة والسلامة، حيث ساهمت هذه الابتكارات في تحقيق معدل جاهزية مهام مرتفع مقارنة بمحركات الطائرات العسكرية الأخرى.
التحديات أمام المحرك
رغم التطورات، واجه محرك F-135 عدة تحديات تؤثر على فعاليته في المستقبل، بما في ذلك مشكلات الحرارة ومحدودية التطوير، فقد ظهرت مشاكل في تبريد المحرك، وتعرض شفرات التوربين للشرخ والاهتزازات الناتجة عن الرنين التوافقي، على سبيل المثال، في عام 2013، أظهرت فحوص روتينية وجود شرخ في شفرات التوربين نتيجة التشغيل المستمر في ظروف حرارية عالية، وفي ديسمبر 2022، عانى المحرك F-135B من حادث على الأرض بسبب مشكلة رنين توافقي أدت إلى كسر أنبوب الوقود، مما تسبب في توقف مؤقت لتسليم المحركات الجديدة حتى معالجة المشكلة.
عوائق الصيانة والتوافر
تضاف إلى ذلك تحديات متعلقة بالصيانة وتوفر قطع الغيار، حيث تأخرت دورات الإصلاح والصيانة عن التوقعات، مما أدى إلى خفض معدل جاهزية أسطول F-35 إلى حوالي 51% في 2023، مقارنة بالمعدل المتوقع الذي يزيد عن 75%، كما شهدت سلسلة إنتاج المحرك تأخيراً في تسليم الدفعات الأخيرة، مما أثر على إمكانية الطائرة للاستفادة من التحسينات والتحديثات الجديدة في الوقت المناسب.
قيود التطوير المستقبلي
تتعلق التحديات الأخيرة بالقيود على التطوير المستقبلي، حيث أن الطراز الحالي للمحرك قد لا يوفر الطاقة الكهربائية الكافية أو التبريد اللازم للنسخ المستقبلية من الطائرة، التي ستتضمن مستشعرات وأسلحة وأنظمة طاقة عالية الطلب، بما في ذلك أسلحة الطاقة الموجهة.
برنامج تحديث محرك F-135
نتيجة لذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن منح شركة Pratt & Whitney عقداً يصل إلى 2.8 مليار دولار لتطوير ترقية شاملة للمحرك، بهدف مواكبة متطلبات بيئة العمليات الحديثة للقرن الحادي والعشرين، وذكرت جيل ألبرتيلي، رئيسة أعمال المحركات العسكرية في الشركة، أن العقد سيمكن الفريق من مواصلة تقليل المخاطر، مع التركيز على تطوير التصميم ودمج المحرك مع الطائرة، وتحضير سلسلة الإمداد للإنتاج.
تركيز البرنامج على تحسين الأداء
يركز البرنامج على تحديث نواة المحرك، بما يشمل تحسين متانة المحرك وطول عمره، وتعزيز أنظمة التبريد وزيادة الطاقة الكهربائية المتاحة، وضمان التوافق مع جميع نسخ F-35 الثلاثة، ومن المتوقع أن يوفر المحرك بعد التحديث زيادة بنسبة 25% في الطاقة الكهربائية والتبريد، مما يدعم تشغيل النسخ المستقبلية من الطائرة ومجموعة الإلكترونيات الجديدة التي تتطلب قدرات أكبر.
تحسين المتانة وطول العمر
فيما يتعلق بالمتانة وطول العمر، سيتضمن تحديث الوحدات الداخلية للمحرك مثل الضاغط والمحترق والتوربين لضمان تحمل الأحمال العالية والحرارة الزائدة، مع احتمالية استخدام سبائك فائقة من النيكل ومواد مركبة من السيراميك، إلى جانب تحسين الطلاءات الحرارية وقنوات التبريد.
إدارة الحرارة والتوافق
أما بالنسبة للتبريد والطاقة، فسيتم إعادة تصميم تدفق الهواء وإدارة الحرارة عبر تصميم ضاغط وتوربين جديدين، بالإضافة إلى دمج المبادلات الحرارية والطلاءات المتقدمة، مما يوفر تبريدًا أفضل وتوليد طاقة كهربائية إضافية لدعم الأنظمة الحساسة للطائرة، وبخصوص التوافق بين النسخ، اعتمدت الشركة تصميمًا معياريًا يمكن تطبيقه على النسخ الثلاثة مع تعديلات بسيطة للتركيب، مما يسهل صيانة المحركات وتبادلها بين الأساطيل المختلفة ويقلل التكلفة والتعقيد اللوجستي.
خطوة استراتيجية لمستقبل الطيران العسكري
يمثل هذا البرنامج خطوة استراتيجية نحو مستقبل الطيران العسكري، إذ لا يقتصر على تحسين الدفع أو الكفاءة فقط، بل يؤسس لمنصة مرنة قابلة للتحديث المستقبلي، تدعم التحول نحو طائرات الجيل السادس، وتعزز التكامل بين الحلفاء مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، بما يضمن تفوقاً جوياً دائماً.
جسر بين الأجيال
يمثل تحديث محرك F-135 جسرًا بين الطائرات الشبحية من الجيل الخامس والمقاتلات المستقبلية من الجيل السادس، مع تحسين إدارة الحرارة وزيادة الطاقة الكهربائية والكفاءة، ليكون الأساس لدعم أنظمة متقدمة مثل أسلحة الطاقة الموجهة وأجهزة الاستشعار التكيفية والإلكترونيات الذكية.
