أعلنت كريستيل لابيرنيد، مدير مكتب الوكالة الوطنية لدعم تنمية الاقتصاد الفرنسي دولياً (بيزنس فرانس) في مصر، عن تنظيم منتدى مُخصص لمصر في 28 سبتمبر 2026، بمقر مجلس الشيوخ في العاصمة الفرنسية باريس، بهدف الترويج للسوق المصرية واستقطاب أكبر عدد من الشركات الفرنسية، إذ ترى أن “مصر أرض الفرص لشركاتنا الفرنسية بجميع أحجامها”.
وأوضحت كريستيل لابيرنيد، خلال مشاركتها في فعاليات المنتدى الاقتصادي “طموح إفريقيا” الذي عُقد في باريس، أن “بيزنس فرانس” هي الوكالة الوطنية المعنية بدعم المؤسسات الفرنسية على المستوى الدولي، وتنمية صادراتها، وتعزيز جاذبية فرنسا للاستثمار الأجنبي.
وفي حديثها مع وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، أشارت إلى أن مهمة مكتب الوكالة في مصر تتمثل في تسهيل علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، ودعم الشركات الفرنسية في تعزيز وجودها في السوق المصرية وتطويره، من خلال تعزيز الخبرة الفرنسية في القطاعات الاستراتيجية، حيث تعمل الوكالة بشكل وثيق مع السلطات المحلية، وغرف التجارة، وشركاء مؤسسيين، لتهيئة بيئة مؤاتية للتعاون الثنائي.
الاستثمارات الفرنسية في مصر
فيما يخص حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر، أكدت لابيرنيد أن فرنسا تعد شريكاً اقتصادياً رئيسياً لمصر، حيث تعمل فيها أكثر من 180 شركة فرنسية توفّر نحو 50 ألف وظيفة مباشرة، وتعمل هذه الشركات في قطاعات متنوعة مثل الطاقة والبنية التحتية والأغذية الزراعية والنقل والخدمات، وتُقدر السلطات المصرية حجم الاستثمار الفرنسي المباشر في مصر بأكثر من 7 مليارات يورو، ما يعكس ثقة المستثمرين الفرنسيين في الإمكانات المتاحة بالسوق المصرية، كما ذكرت أن العديد من المؤسسات الفرنسية عززت تواجدها في قطاعات اللوجستيات والبناء والتكنولوجيا الخضراء، ووقعت عقوداً مهمة تُبرز زخم التعاون الثنائي.
مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين
وفي سياق التعاون الاقتصادي، أوضحت مديرة مكتب “بيزنس فرانس” بالقاهرة أن الوكالة تركز على قطاعات رئيسية تشمل الصناعة والتكنولوجيا النظيفة، والتكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا والخدمات، والرعاية الصحية، قائلةً: “يعتمد التعاون الفرنسي المصري على هذه القطاعات الأربعة، بما يتماشى مع الأولويات الاستراتيجية للحكومة المصرية”.
أما بخصوص قطاع التكنولوجيا الزراعية، فقد أشارت إلى أن مصر تحقق تقدماً كبيراً لتصبح لاعباً محورياً في الأمن الغذائي الإقليمي، وفي مواجهة الزيادة السكانية وندرة المياه، تُطلق الحكومة مشاريع طموحة للتنمية الزراعية، مُبينةً أن الشركات الفرنسية يمكنها المساهمة في نقل المعرفة، وتوريد المعدات، وأنظمة الري الذكي، ولوجستيات سلسلة التبريد، والتدريب، ودعم هيكلة قطاعات الأغذية الزراعية.
وفي مجال التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة والتحول البيئي، أكدت أن فرنسا تدعم مصر في تحولها في مجال الطاقة، من خلال مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومعالجة النفايات، حيث تضم العديد من الشركات الفرنسية في تطوير مزارع شمسية جديدة وتحديث البنية التحتية للطاقة.
كما شددت على أهمية الهيدروجين الأخضر باعتباره قطاعاً ناشئاً وواعداً في مصر، حيث تنفذ مجموعات فرنسية مشاريع تجريبية بالشراكة مع السلطات المصرية، لدعم إزالة الكربون من قطاعي الصناعة والنقل.
فيما يتعلق بقطاع المياه والنفايات، تواجه مصر ضغوطاً مائية شديدة (أقل من 600 متر مكعب للفرد سنوياً)، إذ يُعتبر نهر النيل المصدر الرئيسي ل90% من مواردها المائية، لذا تهدف الحكومة إلى إعادة استخدام 80% من مياه الصرف الصحي المعالجة بحلول عام 2030، موضحةً أن بإمكان فرنسا نقل التكنولوجيا المتعلقة بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وتدريب الكوادر على الإدارة المستدامة للمياه والنفايات، ودعم تمويل البنية التحتية المرنة من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي.
كما تناولت مجالات تعاون أخرى مثل قطاع النقل الجوي والسكك الحديدية، حيث تساهم الشركات الفرنسية في تحديث شبكات السكك الحديدية والمطارات، وهو ما يعزز التنقل والتكامل الإقليمي لمصر، بالإضافة إلى التعاون في مجال الرعاية الصحية، مُشيرة إلى أن القطاع يشهد تحولاً كبيراً يتضمن بناء مستشفيات وإصلاح نظام التأمين الصحي، لكن توجد حاجة ملحة للمعدات الطبية، وتدريب الكوادر، وإدارة المستشفيات، لذا تقدم فرنسا مجموعة شاملة من الخدمات تشمل توفير المعدات، ونظام الصحة الإلكتروني، وغيرها.
السياحة والتكنولوجيا الرقمية
كما أبرزت المسؤولة الفرنسية الحركة السياحية في مصر، مشيرة إلى أن البلاد استقبلت نحو 15 مليون سائح في عام 2025، وتستهدف 30 مليون سائح بحلول عام 2030، بفضل تطوير تراثها وتنويع عروضها السياحية بين الساحلية والثقافية والرياضية، مُشيرةً إلى المشاريع الرائدة مثل المتحف المصري الكبير، وتطوير منطقة البحر الأحمر، قائلةً إن فرنسا يمكن أن تقدم خدمات استشارية وحلولاً للإدارة المستدامة للمواقع.
وأوضحت أن فرنسا تستطيع أيضاً دعم المشاريع في مجال التكنولوجيا والخدمات، حيث يشهد الاقتصاد الرقمي في مصر نمواً ملحوظاً، ما يعزز مكانة مصر كمركز تكنولوجي إقليمي بين إفريقيا والشرق الأوسط.
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وفرص الاستثمار
وأكدت على أهمية جميع القطاعات، قائلةً: “مصر أرض الفرص لشركاتنا الفرنسية بجميع أحجامها”، موضحةً أن التعاون مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يُعتبر تعاوناً استراتيجياً، مع استثمارات في القطاعات اللوجستية والصناعية والخدمية والطاقة المتجددة، مُشيرة إلى أن هذا القطاع يجذب بشكل خاص الشركات الفرنسية نظراً لإمكانات النمو التي يتمتع بها ودوره المركزي في التجارة الدولية، إذ تمر عبر قناة السويس نحو 12% من حجم التجارة البحرية العالمية.
التحديات والدعم المقدم للشركات الفرنسية
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الشركات الفرنسية في مصر، أشارت إلى أنه توجد تحديات مثل حالة عدم اليقين في السياق الإقليمي، الذي قد يؤدي إلى تقلبات ويؤثر على قرارات الاستثمار، بالإضافة إلى الإجراءات الإدارية المعقدة وضرورة التكيف مع اللوائح المحلية، ما يتطلب أحياناً دعماً معززاً، خاصة في القطاعات الخاضعة للتنظيم، ومع ذلك، أصبحت الإجراءات أكثر تبسيطاً خاصة مع الجمارك، في ظل التزام السلطات المصرية الراسخ بتبسيط بيئة الأعمال.
وشددت على أن وكالة بيزنس فرانس ملتزمة بدعم الشركات في فهم هذه التحديات وإدارتها، من خلال تزويدها بالخبرة المتخصصة وشبكة من الشركاء الموثوقين، أما عن مشاركتها في المنتدى الاقتصادي “طموح إفريقيا” الذي تم في باريس، فقد أوضحت أن هذا الحدث يعد الأبرز بين فرنسا والقارة الأفريقية، مع تسجيل ألفي مشارك، نصفهم من 45 دولة إفريقية، وخلال يومين، نظمت بيزنس فرانس ألفي اجتماع بين الشركات، و17 جلسة نقاش، ودعت 9 وزراء أفارقة للمشاركة في الجلسات النقاشية.
المنتدى السنوي «طموح إفريقيا»
وقالت بصفتي مبتكرة فعالية “طموح إفريقيا” منذ عام 2018، والتي نظمت النسخ السبع الأولى، أتشرف بالمشاركة المصرية هذا العام، حيث كان على رأسها هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، ووليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهدى بركة، مستشارة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المواهب التكنولوجية، بالإضافة إلى ممثلي نحو 50 شركة مصرية، مُشيرةً إلى تنظيم اجتماعات بين الشركات الفرنسية والسلطات المصرية على هامش المنتدى.
تنظيم منتدى اقتصادي لمصر بباريس سبتمبر المقبل
وختمت كريستيل لابيرنيد حديثها بالإشارة إلى أن مصر تمثل فرصة متميزة لتعزيز التعاون مع فرنسا في مجالات المشاريع الهيكلية والمبتكرة، وأعلنت عن تنظيم منتدى مخصص لمصر في 28 سبتمبر 2026، في باريس بمقر مجلس الشيوخ، بهدف الترويج للسوق المصرية وجذب أكبر عدد ممكن من الشركات الفرنسية، كما ستتواجد فرنسا بكامل فريقها من خلال “بيزنس فرانس”، و”الوكالة الفرنسية للتنمية”، والقسم الاقتصادي بالسفارة الفرنسية بالقاهرة.
يُشار إلى أن النسخة السابعة من منتدى “طموح إفريقيا” عُقدت في 18 و19 نوفمبر الجاري، ونظمته “بيزنس فرانس” بمقر وزارة الاقتصاد والمالية في باريس، وقد اكتسب المنتدى أهمية خاصة حيث جمع شركات من الجانبين الفرنسي والإفريقي لتعزيز التعاون المشترك والشراكات الاقتصادية، واستكشاف فرص استثمارية جديدة.
