«السلطات التونسية تعتقل معارضة بارزة لتنفيذ حكم بالسجن 20 عاماً»

«السلطات التونسية تعتقل معارضة بارزة لتنفيذ حكم بالسجن 20 عاماً»

قبل 2 ساعة

اعتقلت الشرطة التونسية، يوم السبت، الناشطة السياسية البارزة شيماء عيسى، أثناء مشاركتها في احتجاج بالعاصمة تونس، لتنفيذ حكم بالسجن لمدة 20 عاماً صدر بحقها يوم الجمعة.

وأفادت وكالة الأنباء التونسية الرسمية (تونس أفريقيا)، بأن اعتقال عيسى جاء “تنفيذاً للحكم النهائي الصادر ضدها في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة”.

ونقلت الوكالة عن مصدر قضائي أن “شيماء عيسى أوقفت من قبل أعوان الضابطة العدلية بعد إدراج اسمها في التفتيش، مشيراً إلى تنفيذ الحكم النهائي الصادر من محكمة الاستئناف بشأنها في قضية التآمر”.

وجاء اعتقال عيسى بعد صدور أحكام مشددة ضد نحو 40 شخصية عامة، بينهم معارضون ومحامون ورجال أعمال، حيث تراوحت الأحكام بين 5 إلى 45 عاماً، وذلك إثر محاكمة جماعية مرتبطة بقضية “التآمر على أمن الدولة” و”التخطيط للإطاحة بالرئيس قيس سعيّد”، وفقاً لوثائق قضائية اطلعت عليها وكالتا رويترز وفرانس برس.

وذكر سمير ديلو، محامي شيماء عيسى، لوكالة فرانس برس، أن “عيسى كانت تشارك في المظاهرة عندما اقترب منها عدد من الأعوان بلباس مدني، واقتادوها سريعاً إلى داخل سيارة”، مضيفاً: “كان يمكنهم اعتقالها يوم صدور الحكم في منزلها، لم تكن تخطط للهروب أو للاختفاء”.

وقد توقعت عيسى اعتقالها أثناء الاحتجاج، حيث أفادت لرويترز قبل توقيفها: “سيعتقلونني بعد قليل، أقول للتونسيين: واصلوا الاحتجاج ورفض الطغيان، نحن نضحي بحريتنا من أجلكم”.

واعتبرت عيسى الاتهامات الموجهة إليها بأنها “جائرة وذات خلفية سياسية”، بينما جاء الاحتجاج بدعوة من منظمات نسوية بارزة، مثل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وأصوات نساء، للتنديد بما وصفته بالتضييق المتزايد على الحريات.

وشارك في التظاهرة المئات من المحتجين الذين رددوا شعارات تطالب بصون حرية التعبير ووقف ملاحقة الناشطين، حيث قالت نادية بنحمد، عضو بارز في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، لوكالة فرانس برس: “هذا الاحتجاج يأتي في ظل قمع منهجي لحرية التعبير وللأصوات الحرة من ناشطين وصحفيين وغيرهم”، وأضافت: “نرفض تقييد الحريات، وحرية الفكر والتعبير حق أصيل لا يمكن التنازل عنه”.

كما حضرت شخصيات معارضة أخرى محكومة في القضية ذاتها، من بينها نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني، الذي صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 12 عاماً، حيث قال الشابي لرويترز: “لن ننال الحرية إلا بالوحدة، نحن مستعدون للسجن ولا نخاف”.

أما الناشط السياسي أيّوبي حمامي، المحكوم عليه بالسجن لخمس سنوات، فقال: “آمل أن يوسّع الشباب رقعة الاحتجاجات حتى تعيد السلطات النظر، وإلا فستجرفها إرادة الشعب”.

تُعتبر القضية واحدة من أكبر المحاكمات السياسية في تاريخ تونس الحديث، حيث شملت 40 متهماً، وقد فرّ نحو نصفهم إلى الخارج وحوكموا غيابياً، بينما تراوحت الأحكام بين 5 أعوام و45 عاماً.

وقالت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” إن هذه الأحكام تمثل تصعيداً في حملة سعيد ضد المعارضة منذ تفرده بصلاحيات كبيرة في 2021، داعيةً إلى إلغاء هذه الأحكام على الفور، واعتبرتها غير عادلة وذات دوافع سياسية.

من جهته، دعا البرلمان الأوروبي في قرار صدر يوم الخميس إلى إطلاق سراح “جميع المحتجزين بسبب ممارستهم الحق في التعبير”، بمن فيهم السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان.

في المقابل، ندد الرئيس سعيّد بالقرار ووصفه بأنه “تدخل سافر”، قائلاً إن الاتحاد الأوروبي “يمكنه أن يتعلم من تونس دروساً في الحقوق والحريات”.

تشهد تونس منذ سنوات جدلاً واسعاً حول مسار الحريات، بعد أن كانت تُعتبر التجربة الديمقراطية الوحيدة المنبثقة عن ثورات الربيع العربي، حيث وُجهت اتهامات للسلطات منذ 2021 باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب ومرسوم “مكافحة الأخبار الزائفة” لمحاكمة منتقدين وناشطين وصحفيين، بينما تشير الحكومة إلى أنها تواجه “خونة وفاسدين” وتتصدى لما تصفها بـ”تمويلات أجنبية تستهدف السيادة الوطنية”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *