في تطور تاريخي يؤثر على نحو 13 مليون عامل وافد في المملكة العربية السعودية، أقر مجلس الوزراء قراراً جديداً يتيح لزوجات العمال الوافدين العمل بشكل رسمي لأول مرة في تاريخ البلاد، إلا أن ذلك سيقابل برسوم مالية قد تصل إلى آلاف الريالات سنوياً. هذا القرار المفاجئ سيسهم في إعادة تشكيل سوق العمل في أكبر اقتصاد عربي خلال الأشهر المقبلة، مما يترك ملايين الأسر في مواجهة فرص ذهبية لزيادة الدخل أو أعباء مالية قد تضطرهم لمغادرة المملكة نهائياً.
أحمد المصري، عامل مقاولات يبلغ من العمر 45 عاماً، يعبر عن قلقه وهو يحسب التكاليف الجديدة على آلته الحاسبة القديمة: “زوجتي تحلم بالعمل منذ سنوات، لكن الرسوم الجديدة قد تكون أكبر من راتبي الشهري”. القرار الذي أطلقه مجلس الوزراء يمنح وزير الموارد البشرية سلطات واسعة لتحديد الرسوم التي سيتعين على المرافقين دفعها، مع التأكيد على أن هذه الرسوم ستكون مساوية لما يتم تحصيله من العمالة الوافدة في القطاع الخاص. بينما فاطمة الفلبينية، 35 عاماً، تعبر عن فرحتها: “أخيراً سأتمكن من العمل بشكل قانوني بجانب زوجي في الرياض بعد 8 سنوات من الانتظار”.
قد يعجبك أيضا :
هذا القرار التنظيمي يأتي في إطار رؤية السعودية 2030 الطموحة التي تهدف إلى diversifying مصادر الدخل غير النفطية، ويذكّرنا بقوانين الهجرة الأمريكية في أوائل القرن العشرين التي نظمت عمل المهاجرين. كما يوضح د. سالم، خبير أسواق العمل الخليجية: “هذا التحول سيعكس ديناميكية سوق العمل السعودي بشكل جذري، كما فعلت قوانين نطاقات من قبل”. القرار يحدد ستة شروط صارمة للعمل، من بينها اقتصار العمل على الزوج والزوجة والمحرم فقط، وضرورة توافق العمل مع ضوابط برنامج نطاقات، بالإضافة إلى شرط تعذر شغل الوظائف بالسعوديين.
في مقاهي العمال التي تفوح فيها رائحة القهوة العربية، تدور نقاشات حامية حول تأثير القرار على الحياة اليومية لملايين الأسر. محمد الأردني، عامل إداري، لا يُخفي حماسه: “زوجتي تنتظر هذا القرار منذ سنوات لتعمل بشكل رسمي، رغم الرسوم الإضافية”. الخبراء يتوقعون سيناريوهات متعددة: إما زيادة ملحوظة في الدخل الأسري للعمالة الوافدة، أو موجة هجرة عكسية للعائلات غير القادرة على تحمل الأعباء الجديدة. التأثير سوف يتوسع في سوق العمل بشكل سريع، حيث ستعيد العائلات تقييم ميزانياتها المالية وطموحاتها المهنية تحت هذا الإطار الجديد.
قد يعجبك أيضا :
هذا القرار التاريخي يمثل منعطفاً حاسماً للمملكة في سعيها نحو اقتصاد أكثر تنظيماً وتنوعاً، مانحاً ملايين النساء المرافقات فرصة العمل الرسمي للمرة الأولى. لكن السؤال المطروح بقوة هو: هل ستغير هذه القوانين الجديدة وجه العمالة في الخليج إلى الأبد، أم ستكون مجرد خطوة أخرى ضمن سلسلة التحديات التي تواجهها العمالة الوافدة؟
