«عهد جديد للحارس: عودته المثيرة تصنع الفارق»

«عهد جديد للحارس: عودته المثيرة تصنع الفارق»

طيف أول: لم يكن هناك فرقٌ بين الصوت والغصّة، بسبب أمنيةٍ مبتورة الأطراف، فمن يعتنق هاجس المعنى، تقبضه المسافات.

انقلاب السلطة وحيرة الحلول

تتعرض السلطة الانقلابية الآن لحيرة شديدة على تخوم خيبات سعيها، تبحث عن منطقة وسطى لحل تستطيع من خلالها خلق مساحة للتفاهمات السياسية والدبلوماسية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، سواءً قبلت الهدنة أو قررت الاستمرار في الحرب، ولكن حيرتها تتفاقم بعدما رفضت أمريكا ما حاولت إيصاله؛ ففي الوقت الذي تقرّبت فيه الحكومة بالتوراة، علّقت أمريكا على جدارٍ إسفيري لوزارة خارجيتها، أن القسم لن يبرّئها من استخدام السلاح الكيماوي، وهو الاتهام الذي يضع النظام في خانة “المارقين”، وتعتزم أمريكا استخدامه ذريعة لتبرير إجراءات صارمة ضدها. برؤية دقيقة، قد يعني هذا أن أمريكا انتقلت من ساحة الأسلوب السياسي في خطابها مع البرهان إلى مربع الأرض، حيث تمسك بسجل جرائم النظام وانتهاكاته، وهو الاتهام الذي ينقل البرهان من مقعد القائد المسؤول عن إحلال السلام في بلاده إلى متهمٍ تلاحقه جرائم الحرب. كما يعتبر البيت الأبيض ملف الكيماوي ثانويًا بعد ملف الإرهاب، فقدّمت أمريكا الأخير عليه، لأنه كان هدفها استئصال تنظيم الإخوان المسلمين، ولذلك قامت بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، مدركةً أن إضعاف قوة التنظيم يعني أن القيادة العسكرية ستفقد سندها، أو هو محاولة لقطع اليد التي تجرّ المؤسسة العسكرية إلى الوراء.

كشف الحقائق والضغوط الأمريكية

لكن عندما بدأ البرهان يكشف عن وجهه الحقيقي عبر خطاباته المزيّفة، زاعمًا أن الولايات المتحدة تريد تفكيك المؤسسة العسكرية، جاء ما فضحه المسؤول النرويجي عن عدم وجود ورقة ثانية كما تحدّث الجنرال، ووصفها بأنها “أسوأ ورقة”، لتدفع تلك الأكاذيب الأخيرة الولايات المتحدة لإعادة ملف الكيماوي من جديد، رغم الوساطة من الحلفاء، لضغوطها على الجنرال، فقد أدركت أن محاولاتها للحفاظ على القيادة العسكرية قد فشلت بسبب تدني ثقة البرهان فيها، لذا أصبحت النظرة الأمريكية الآن تركّز على ميدان حرب يتطلب التعامل معه عبر يد ثالثة. فالاتهام بالكيماوي يحمل الجنرال مسؤولية انتهاكات الميدان العسكري، مما يعني أن أمريكا تحاول جرّه إلى ساحة العدالة، حيث يحشر بين الجريمة والعقاب. وتظهر المسافة الفاصلة بين تصريح الجنرال السوداني والتصريحات الأمريكية، فالأول عبد الفتاح البرهان قال: (أين هم الكيزان في الجيش)، والثاني داغفين أندرسون قائد القيادة الأمريكية “أفريكوم” قال: (جئت للحد من خطر الإرهاب العابر للحدود). بين تصريحَين يتجلى الموقف لمن يبحث عن إجابة.

التعاون الأمني مع إثيوبيا

الجنرال الذي زار إثيوبيا والتقى برئيس الوزراء آبي أحمد، تبادل معه وجهات النظر حول الأمن الإقليمي وفرص تعزيز التعاون، مؤكدًا على خطر الإرهاب العابر للحدود وضرورة مكافحته في القرن الأفريقي والساحل والبحر الأحمر، وفي حديث لمراقب إثيوبي مع مسعد بولس قال: (إن هذه الزيارة تعني عودة الحارس إلى شاطئه، مصيرٌ صُنع في حفظ السلام وتاريخ إثيوبيا. إنها عقيدة قوية مكتوبة بالخوذ الزرقاء لقوات حفظ السلام في جميع أنحاء العالم. عندما ابتعد العالم عن أهوال رواندا وبوروندي، وقف الجنود الإثيوبيون في الثغرة وعملوا كدرعٍ للأبرياء. في المشهد المتصدّع في الصومال، تحملت إثيوبيا مرارًا العبء الهائل المتمثل في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في منطقة تهدد فوضاها العالم بأسره.) وهذا الحديث يعكس وعي المجتمع بدلالة هذه الزيارات.

التحركات الأمريكية وتعزيز الأمن

توضح التحركات الأمنية الأمريكية المكثفة في منطقة القرن الأفريقي تعزيز جهود مكافحة الإرهاب وتأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تطرقت المحادثات بين آبي أحمد والقائد الأمريكي إلى التعاون في مكافحة الإرهاب، وقد شدّد الجانبان على أهمية توسيع الجهود المشتركة ضد الجماعات الإرهابية الناشطة في القرن الأفريقي، بما يشمل دعم القدرات العسكرية الإثيوبية لمواجهة التهديدات المستمرة، إلى جانب حصول إثيوبيا على منفذ بحري. وتزامنت زيارة مسعد بولس إلى إثيوبيا مع زيارة القائد الأمريكي، مما يكشف أن أمريكا الآن لا تنتظر إلا للأرض والبحر، إذ تعني تحركات قائد القاعدة الأمريكية أن الاتهام باستخدام السلاح الكيميائي ليس مجرد تصريح سياسي، بل أداة ضغط استراتيجية تُستخدم لعزل النظام، إضعافه داخليًا، وتهيئة الأرضية للتدخلات الدولية أو الإقليمية، وتكمن خطورته في أنه يضع الدولة المتهمة في مواجهة تحالف دولي أوسع ضدها، ويجعلها تحت مجهر القانون الدولي والضغط الشعبي العالمي، فالكيماوي وبحث أمريكا عن موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي قد يكونان تمهيدًا وترتيبًا لقادمٍ قريب.

طيف أخير

تمرد أفراد “درع السودان” بولاية الجزيرة نهاية خلاف أم بدايته!!

المصدر من هنا

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *