في حدث مأساوي يُعتبر الأكثر دموية في تاريخ هونغ كونغ منذ عقود، أفاد المسؤولون اليوم (الأحد) بارتفاع حصيلة القتلى جراء حريق هائل اندلع في مجمع وانغ فوك كورت السكني بمنطقة تاي بو شمال المدينة إلى 146 شخصاً، معظمهم من السكان العاديين الذين كانوا محاصرين داخل أبراجهم الشاهقة.
حصيلة المفقودين والإصابات
ونقلت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” عن المسؤول البارز في الشرطة شوك ين تسانغ قوله إن أكثر من 100 شخص ما زالوا في عداد المفقودين، بينما يستمر فريق الإنقاذ في البحث بين الأنقاض المدخنة، حيث أدى الحريق، الذي اشتعل يوم الأربعاء 26 نوفمبر، إلى إصابة 79 شخصًا آخر، بما في ذلك 12 من رجال الإطفاء، وفقاً لتقارير السلطات.
إجلاء المتضررين والدعم الحكومي
وأدى الحريق إلى إجلاء نحو 1,500 ساكن، وتم نقلهم إلى فنادق وملاجئ انتقالية، مع بقاء 40 آخرين في مخيمات مؤقتة في تاي بو، وأنشأت الحكومة صندوق دعم بقيمة 300 مليون دولار هونغ كونغ (نحو 38.6 مليون دولار أمريكي) لمساعدة الضحايا، بينما تطوع فنانون ومنظمات حيوانية لتوزيع المساعدات، بما في ذلك رعاية الحيوانات الأليفة المتضررة.
فشل في أنظمة السلامة
وكان الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ غون لي قد أعلن في وقت سابق اليوم أن رجال الإطفاء نجحوا في إنقاذ 55 شخصاً من قلب الكارثة، مشيراً إلى أن الحكومة فتحت 9 ملاجئ مؤقتة تضم الآن أكثر من 500 من السكان المتضررين، معظمهم من العائلات التي فقدت منازلها وأحباءها في لحظات.
وأمر لي بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة، محذراً من أن “هذه الكارثة ليست مجرد حريق، بل فشل في السلامة يجب أن يُحاسب عليه”. في الوقت نفسه، أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن تعازيه، مطالباً بجهود شاملة للحد من الخسائر، وفقاً لشبكة CCTV الرسمية.
تفاصيل الحريق وأسبابه
اندلع الحريق في مجمع وانغ فوك كورت، الذي يتكون من 8 أبراج سكنية شاهقة تصل إلى 32 طابقاً، أثناء أعمال تجديد كبرى كانت تُجرى على المباني، حيث بدأت النيران في الطابق السابع من أحد الأبراج، وانتشرت بسرعة مذهلة بفضل هياكل الدعامات الخشبية من الخيزران المغطاة بشبكات بلاستيكية وأغطية مقاومة للماء، التي أثيرت حولها شبهات في عدم الامتثال لمعايير السلامة.
جذور الكارثة في الإهمال والكثافة السكانية
وفقاً لتحقيق أولي من قسم المباني والعمالة في هونغ كونغ، كانت هذه المواد القابلة للاحتراق جزءاً من حملة تجديد واسعة بدأت في مارس 2025، لكنها لم تُطبق الشبكات الواقية الجديدة المطلوبة بموجب اللائحة الجديدة للسلامة، ما سمح للنيران بالانتشار إلى 4 أبراج أخرى في دقائق.
تُعتبر منطقة تاي بو، الواقعة قرب الحدود مع الصين القارية، واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في هونغ كونغ، حيث تضم نحو 300,000 نسمة في مساحة صغيرة نسبياً، ويُعد المجمع السكني وانغ فوك كورت نموذجاً للسكن العام المدعوم من الحكومة، الذي تسكنه آلاف العائلات العاملة في قطاعات التجارة والصناعة.
يصنف هذا الحريق كأسوأ كارثة حريقة في هونغ كونغ منذ حريق “ستونز كوتيغ” عام 1953، الذي قتل 53 شخصاً، ويأتي بعد حوادث سابقة هذا العام شملت 3 حرائق أخرى مرتبطة بدعامات الخيزران، وفقاً لجمعية حقوق ضحايا الحوادث الصناعية في هونغ كونغ.
