في مشهد صادم يثير قلق العالم، تعاني محافظة حضرموت الغنية بالنفط من ظلام دامس بعد انقطاع كامل للتيار الكهربائي، حيث أغلق 90% من المحلات التجارية أبوابها في عصيان مدني شامل زلزَل أركان المنطقة. الشوارع مشتعلة بالإطارات المحترقة والحجارة، والمواطنون يحتجون في وجه أزمة تحولت من معاناة يومية إلى كارثة إنسانية حقيقية، الأمر هنا يتجاوز مجرد انقطاع كهرباء، إنه انهيار كامل لحياة مئات الآلاف في منطقة تعج بثروات النفط.
شهد وادي حضرموت انقطاعاً تاماً للكهرباء بعد توقف شركة بترومسيلة النفطية عن تموين المحطات بالوقود، وهو قرار صدم السكان الذين كانوا يعيشون على أقل من 6 ساعات من الإضاءة اليومية خلال الشهرين الماضيين. أحمد الحضرمي، صاحب محل بقالة في المكلا، يعرب عن قلقه قائلاً بصوت مكسور: “شاهدت مصدر رزقي الوحيد ينهار أمام عيني، اضطررت لإغلاق المحل وطفلي يسألني متى ستعود الكهرباء”، المشهد في مدينتي المكلا والشحر يشبه مناطق الحروب، إذ تصاعدت أصوات الاحتجاجات الغاضبة وسط دخان الإطارات المتصاعد.
قد يعجبك أيضا :
الأزمة ليست جديدة، بل تفاقمت تدريجياً مع تدخل قوى نافذة في مرور شاحنات المحروقات، مما يذكر بأزمات الطاقة التي شهدها العراق ولبنان في السنوات الأخيرة. د. محمد باصرة، خبير الطاقة اليمني، يحذر من “انهيار كامل للبنية التحتية إذا لم تُحل الأزمة قريباً”، والمفارقة المؤلمة أن حضرموت، التي تنتج النفط والغاز، تعيش في ظلام دامس كمن يتضور عطشاً بجانب نهر. بعض المناطق لم تحصل على الكهرباء إلا مرة أو مرتين في الشهر، مما أجبر السكان على العودة إلى أساليب الحياة البدائية.
قد يعجبك أيضا :
المعاناة تشمل جميع جوانب الحياة اليومية، إذ يعاني السكان من حر شديد بدون مراوح أو مكيفات، بينما تنقطع المياه عن الأحياء السكنية. سالم العوضي، سائق تاكسي، يصف معاناته قائلاً: “نعيش في جحيم حقيقي، لا كهرباء ولا ماء ولا وقود للسيارات”. فاطمة المحضار، الناشطة الحقوقية التي قادت الاحتجاجات السلمية، تؤكد أن المطالب تتجاوز الكهرباء لتشمل العدالة في توزيع الثروات النفطية. الخبراء يتوقعون أن تؤدي الأزمة إلى نزوح جماعي إذا لم تُحل في الأسابيع القادمة، مما قد يحوّل المنطقة إلى أشباح.
تكشف الأزمة عن فشل ذريع في إدارة الموارد في منطقة تحتضن ثروات نفطية هائلة، بينما يعيش سكانها في معاناة تزداد مع كل ساعة تمر. المستقبل يبدو مجهولاً ما لم تتدخل الجهات المسؤولة لحل الأزمة بشكل جذري وليس عبر حلول مؤقتة. السؤال المحوري الآن: هل ستصبح حضرموت مثالاً صارخاً لفشل إدارة الموارد في العالم العربي، أم ستجد الطريق للتعافي والنهوض من جديد؟
