صدر الصورة، Getty Images
Article Information
-
- Author, محمود النجار – بي بي سي نيوز عربي
- Role,
-
قبل 2 ساعة
في قرار مفاجئ، ألغت المحكمة الإدارية العليا في مصر نتائج الانتخابات في 26 دائرة على الأقل من المرحلة الأولى لمجلس النواب.
جاء القرار بناءً على طعون قدمها مرشحون أو من ينوب عنهم، وكذلك بعد دراسة ملفات الطعون مع محاضر الفرز وتقارير المفوضين، واعتبرت المحكمة أن هناك “مخالفات جوهرية” أثرت على نزاهة العملية الانتخابية، وفقًا لما أفادته صحف محلية.
أصدرت المحكمة قرارها ليل السبت، حيث رفضت أيضًا 100 طعن انتخابي لعدم توفر شرط المصلحة، وأحالت 59 طعناً إلى محكمة النقض لتداخلها مع دوائر أعلن فوز المرشحين فيها، حيث يحق فقط لمحكمة النقض النظر فيها.
أُقيمت الجولة الأولى من الانتخابات في 14 محافظة يومي 10 و11 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقد أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات إلغاء نتائج الاقتراع على المقاعد الفردية في أكثر من ربع دوائر المرحلة الأولى، بعد رصد مخالفات خلال عملية التصويت، استجابة لتوجيهات من الرئيس المصري بفحص جميع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات.
من المقرر إعادة الانتخابات في تلك الدوائر يومي الأول والثاني من ديسمبر/كانون الأول الحالي خارج مصر، وفي الثالث والرابع داخلها، بينما لم يتحدد موعد إعادة الانتخابات في الدوائر التي ألغت المحكمة نتائجها بعد.
البعد السياسي للحكم
يمثل القرار ضربة قوية لشرعية نتائج المرحلة الأولى، إذ ستُعاد الانتخابات في حوالي ثلثي الدوائر المخصصة للمقاعد الفردية من بين 70 دائرة، نتيجة لإضافة 19 دائرة تم إبطال نتائجها بقرار الهيئة الوطنية للانتخابات.
قد يعزز هذا القرار شعور الكثير من الناخبين بعدم شفافيتها الانتخابات.
يعتقد عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن البعد السياسي لقرار المحكمة الإدارية العليا يدل على أن العملية الانتخابية ككل تعاني من نقص النزاهة والحياد، بسبب أخطاء الهيئة الوطنية للانتخابات مثل تطبيق نظام القائمة المغلقة واستبعاد مرشحين معارضين قبل الاقتراع، بالإضافة إلى تجاهل كثير من الأخطاء، مثل القبلية والرشاوى الانتخابية.
لماذا قررت المحكمة إبطال النتائج؟
يُعتبر حكم المحكمة الإدارية العليا نهائيًا وملزمًا قانونيًا، وعلى الجهات المعنية الالتزام بتنفيذه.
بعد ساعات من الحكم، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر أنها تنتظر وصول الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا بشأن إبطال نتائج الاقتراع في عدد من الدوائر، وذلك لفحصها ودراسة كيفية تنفيذها.
أكدت الهيئة التزامها بتنفيذ أحكام القضاء، مشيرة إلى عدم امتلاكها مصلحة في الطعون الانتخابية.
يشرح الخبير الدستوري جمال جبريل أن المحكمة الإدارية العليا استندت في حكمها إلى مخالفات تسلل إلى العملية الانتخابية، من بينها امتناع اللجان الفرعية عن تسليم نتائج الاقتراع لمندوبي المرشحين، بالإضافة إلى استخدام المال السياسي ورشوة الناخبين.
تخضع الانتخابات لإشراف قضائي كامل، حيث يُجرى الإشراف على ثلاثة مستويات، الأول هو الهيئة الوطنية للانتخابات، ككيان قضائي بحكم الدستور، الثاني هو الإدارة التنفيذية للهيئة برئاسة قاضٍ ومحكمة النقض، والثالث هو لجان الاقتراع الفرعية والعامة برئاسة أعضاء من النيابة الإدارية.
هل تُلغى مقاعد نظام القائمة؟
بعد حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء نتائج الانتخابات في هذه المرحلة في هذا العدد الضخم من الدوائر، بدأت نقاشات حول إمكانية إلغاء مقاعد نظام القائمة المطلقة بالتبعية مع مقاعد النظام الفردي.
يشير محمد بصل، الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون البرلمانية، إلى أن عدم صحة الانتخابات في بعض دوائر النظام الفردي لا يؤثر على صناديق الاقتراع الخاصة بالقائمة، وذلك لأن هناك قائمة قد أُعلنت فوزها وليس لها منافسون يسمح لهم بالطعن على النتائج.
قدمت المحكمة الإدارية أحكامًا متعددة على سبيل المثال 29 حكما في 29 دائرة انتخابية، وبالتالي تعود العملية الانتخابية في هذه الدوائر إلى الإجراء الأخير السليم، وهو افتتاح باب الاقتراع بين جميع المرشحين المقبولة أوراقهم، موضحًا أن الأحكام لا تعني إلغاء الانتخابات ككل.
يتفق الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري، على أن الحكم لا ينطبق على قواعد القائمة المطلقة، حيث إن نتائج المقاعد على نظام القائمة قد أُعلنت واستقر وضعها، وبالتالي يصبح الطعن على النتائج من اختصاص محكمة النقض وليس المحكمة الإدارية العليا.
يشير جبريل إلى أنه تم الحكم بحل مجلس الشعب عام 2012، لكنه لم يؤثر على القوائم الانتخابية في تلك الحالة، حيث إن نتائج نظام القائمة قد ثبتت، ومازالت المحكمة الإدارية العليا تقتصر على الإجراءات قبل إعلان النتائج.
من جهته، يعتقد عمرو هاشم ربيع أن إلغاء نتائج المقاعد الفردية يجب أن ينطبق على المقاعد الأخرى، معتبرا أنه كانت هناك مخالفات مشابهة في اقتراع القائمة، ويدعو إلى إجراء انتخابات جديدة تتضمن إعادة فتح باب الترشيح.
النظام الانتخابي بين العوار والتقويم
النظام المُعتمد في هذه الانتخابات هو نظام مختلط، جمع بين المقاعد الفردية والقائمة المغلقة المطلقة، وما أُلغي حتى الآن هو نتائج مقاعد الفردي في الدوائر التي سُجلت فيها مخالفات، وفقًا لحكم المحكمة الإدارية العليا.
يعتقد محللون أن النظام الانتخابي في مصر ليس الأنسب في الظروف الحالية، حيث يشير عمرو هاشم ربيع إلى أن هذا النظام قد عانى المشهد السياسي في مصر بكثير من التعقيدات، موضحًا أن نظام القائمة المطلقة يُعتبر “نظام تزوير” يتعلق بإرادة الناخبين، كما أنه يُتيح ظهور أشكال مختلفة من الفساد مثل المال السياسي وعمليات الرشوة.
يتبنى جمال جبريل ملاحظات مشابهة، ويعتبر أن النظام الانتخابي الأفضل لمصر هو نظام القائمة النسبية الحزبية، حيث يدخل كل حزب الانتخابات بقائمة معينة ويحصل على مقاعد وفقًا لنسبة الأصوات، مؤكدًا أن البرلمان هو الجهة الوحيدة المخولة بتغيير النظام الانتخابي، وفقًا لما يقتضيه الدستور.
صدر الصورة، Getty Images
انتقادات للانتخابات قبل أن تبدأ
قبل فتح صناديق الاقتراع، تعرضت العملية الانتخابية لانتقادات كبيرة من مراقبين محليين ودوليين، حيث كان أبرزها الضعف في المنافسة السياسية الحقيقية، بجانب غياب أصوات المعارضة المؤثرة، خاصة بعد استبعاد الهيئة الوطنية للانتخابات لثلاث قوائم لصالح قائمة واحدة.
كما استبعدت الهيئة عددًا من مرشحي المعارضة بحجة عدم أداء الخدمة العسكرية، رغم أن بعضهم قد ترشح وفاز سابقًا دون أي إشكال حول موقفهم من التجنيد.
من أبرز المستبعدين كان النائب السابق هيثم الحريري، الذي اعتبر استبعاده بمثابة “إعدام سياسي”، حيث صرح بأنه تقدم لأداء الخدمة العسكرية بعد تخرجه من الجامعة، وتم استثناؤه بذلك، ولذلك يعتبر أن معاملته كـ “متهرب من التجنيد” تعد تعديًا على شرفه بموجب القانون المصري.
رفضت المحكمة الإدارية بالإسكندرية الطعن الذي تقدم به الحريري ضد قرار استبعاده.
قبل يوم من بدء المرحلة الأولى من الانتخابات، أكدت منظمات حقوقية مصرية أن الانتخابات تُجرى في ظل “قيود مشددة على المشاركة السياسية”، مشيرة إلى ما وصفته بـ “قمع التنظيم السياسي المستقل”.
اعتبرت هذه المنظمات استبعاد المرشحين المعارضين “تفسيرًا تعسفيًا” للإقصاء السياسي، مشددة على أن تدخل الأجهزة الأمنية أضر بفرص إجراء انتخابات تنافسية حقيقية، وأن المرشحين المستقلين والمتطلعين إلى تشكيل معارضة تعرضوا لملاحقات قضائية.
تجدر الإشارة إلى أن أحكام المحكمة الإدارية العليا وقرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء نتائج العديد من الدوائر تتعلق فقط بالمرحلة الأولى من الانتخابات، وما زلنا ننتظر نتائج المرحلة الثانية وما إذا كانت ستواجه نفس المصير أم لا.
