«إعفاء صادرات مصر من رسوم الصين» فرصة جديدة لتعزيز التبادل الاقتصادي بين البلدين

«إعفاء صادرات مصر من رسوم الصين» فرصة جديدة لتعزيز التبادل الاقتصادي بين البلدين

مصر، قناة السويس، صادرات مصر، 30-12-2015 (الأناضول)

أعلنت السلطات الصينية عن تقديم مزايا تفضيلية للصادرات المصرية، حيث أعلن السفير الصيني لدى مصر، لياو ليشيانغ، على هامش منتدى الاستثمار المصري الصيني، الذي أقيم في القاهرة مؤخرًا، أنه تم إعفاء الصادرات السلعية المصرية من الرسوم الجمركية عند دخولها السوق الصينية، وهذه الخطوة ليست مجرد ميزة للصادرات المصرية فحسب، بل تأتي كجزء من قرار صيني broader بإعفاء صادرات مجموعة من الدول الأفريقية من الرسوم الجمركية ضمن مبادرة “الحزام والطريق”.

يعتبر هذا القرار خطوة إيجابية لتعزيز الصادرات المصرية، حيث يفتح المجال للحصول على حصة أكبر في أحد أكبر الأسواق العالمية، حيث أن الصين تُعد أكبر دولة في التجارة الدولية، إذ بلغت قيمة تجارتها الخارجية 6.16 تريليونات دولار في عام 2024، وفقًا لبيانات البنك الدولي، بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر 14.3 مليار دولار في عام 2023، و16.1 مليار دولار في عام 2024، حسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء المصري، وكانت الصادرات المصرية إلى الصين بلغت 1.08 مليار دولار في عام 2023، و398 مليون دولار في عام 2024، في حين بلغت واردات مصر من الصين 13.2 مليار دولار و15.7 مليار دولار على التوالي خلال العامين المذكورين.

لا يحتاج توضيح الفجوة الكبيرة في العلاقات الأنشطة التجارية بين القاهرة وبكين، والتي تتجه لصالح الصين، إذ تُظهر إحصاءات الجهاز المصري للإحصاء أن الجزء الأكبر من الصادرات المصرية يتمثل في الوقود والزيوت المعدنية، وبعض السلع الغذائية مثل الفواكه والتمور، في حين تتركز الواردات المصرية من الصين في الآلات والأجهزة الكهربائية. وفقًا لتقرير البنك المركزي المصري لعام 2023/2024، تُعتبر الصين واحدة من أهم الشركاء التجاريين لمصر، باحتلالها قرابة 7% من إجمالي التجارة الخارجية، التي بلغت 104.6 مليارات دولار.

ميزة إضافية

تعتبر الخطوة الصينية بإعفاء السلع المصرية من الرسوم الجمركية إضافة للإعفاءات المتاحة بموجب عدة اتفاقيات إقليمية، مثل اتفاقية الكوميسا مع مجموعة من الدول الأفريقية، واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، وكذلك اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية، بجانب اتفاقية الكويز، التي تتيح للإنتاج النسيجي المصري الإعفاء من الرسوم عند دخوله للسوق الأميركية بشرط احتوائه على نسبة 12% من المكونات من الكيان الصهيوني.

بلا شك، هذه الخطوة تمثل فرصة لتوسيع نطاق الصادرات المصرية، نظرًا لحجم السوق الصيني الكبير واحتياجاته المتنوعة، حيث يبلغ عدد سكان الصين نحو 1.4 مليار نسمة، ولكن يبقى السؤال حول كيفية الاستفادة القصوى من هذه الفرصة، فرغم الفرص السابقة من الاتفاقيات المتعددة، لا تزال الصادرات المصرية محدودة التأثير.

تشير بيانات ميزان المدفوعات المصري لعام 2024/2025 إلى عجز في التجارة الخارجية بقيمة 51 مليار دولار، حيث بلغت صادرات مصر 40.2 مليار دولار، بينما بلغت الواردات 91.2 مليار دولار، وهو عجز تجاري مستمر يؤثر سلبًا على أسواق الصرف ويضغط على العملة المحلية، ولم تُسفر الاتفاقيات الإقليمية والدولية عن تغيير ملموس في هذا العجز.

تحد أكبر

المتغير الرئيسي في معادلة التجارة الخارجية المصرية، خاصة في مجال الصادرات، هو القاعدة الإنتاجية، فقد توفرت فرص عديدة لزيادة الصادرات، ولكن لم يتحقق التحسن المطلوب، حيث انخفض سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية عدة مرات منذ عام 2016، ورغم ذلك لم يستغل المنتجون هذه الميزة السعرية لزيادة الصادرات، كما حدث في دول مثل تركيا أو دول جنوب شرق آسيا، ويرجع ذلك إلى الاعتماد الكبير على استيراد الآلات والعدد، ما يؤدي لفقدان الميزة التنافسية نتيجة ارتفاع التكاليف مقارنة بالمنافسين. كما تلعب العوامل المتعددة مثل رفع الدعم عن الطاقة دورًا في زيادة تكاليف الإنتاج.

إذا نظرنا إلى التحديات التي تواجه الصادرات المصرية إلى الصين بعد الإعفاء من الرسوم الجمركية، نجد أن الواردات الصينية تصل إلى 2.58 تريليون دولار من جميع أنحاء العالم، وهو ما يتيح لمصر اعتماد خطة استراتيجية لإعادة هيكلة صادراتها لتكون قادرة على دخول السوق الصيني بشكل أقوى، والتوسع بشكل أكبر مما تعكسه أرقام الصادرات في عامي 2023 و2024.

من المعروف أن الصين تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الخام، كونها دولة ذات إنتاجية عالية، لذا فإن التركيز على تصدير المواد الخام والوسيطة في المدى القصير سيكون فرصة مهمة، وفي المدى المتوسط والطويل، يتعين على مصر وضع استراتيجية واضحة لتصدير سلع ذات قيمة مضافة عالية، لتصحيح الفجوة الحالية في التبادل التجاري، التي تُظهر فائضًا تجاريًا للصين مع مصر يقارب 15 مليار دولار في عام 2024.

إذا استمرت صادرات مصر متركزة على المنتجات النفطية والزراعية، فلن يكون للإعفاء الصيني للصادرات قيمة كبيرة، بل سيشكل عبئًا إضافيًا على المصدرين، يتطلب بذل جهد أكبر لدراسة السوق الصيني وتعظيم الاستفادة من هذه الفرصة، بهدف أن يتحول السوق الصيني إلى الوجهة الأولى للصادرات المصرية خلال السنوات المقبلة.

لماذا أقدمت الصين على هذه الخطوة؟

فيما يتعلق بمصر والدول الأفريقية الأخرى المستفيدة من الإعفاء من الرسوم الجمركية، يُلاحظ أن التجارة الصينية تتركز بشكل رئيسي مع الدول الكبرى، بينما تشكل الدول الأفريقية جزءًا ضئيلًا من إجمالي التجارة الصينية، التي تتجاوز ستة تريليونات دولار، كما تواصل الصين تحقيق ميزان تجاري إيجابي مع معظم الدول الأفريقية، في ظل تقدمها التكنولوجي المستمر، وبالتالي فإن الصين تعتبر الفائزة الأكبر في هذه المعادلة.

تسعى الصين لإحكام السيطرة على النظام الاقتصادي العالمي لصالحها، في ظل المنافسة مع الولايات المتحدة، وتسعى لجذب أكبر عدد من الدول النامية لتكون داعمة لها، مما يبرز أهمية وجود استراتيجية واضحة لمصر لتوجيه الفرص المتاحة وتحقيق تغيير حقيقي في الاقتصاد المصري التابع للخارج منذ عقود.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *