رغم أن الكتابة والأدب، في تعاطيهما مع القضايا الإنسانية، لا يختلف فيها الرجل عن المرأة، وإما أن تكون كتابة جيدة أو كتابة سيئة، إلا أنه بين الحين والآخر، تثار قضية التصنيف، وتوجه الاتهامات إلى النساء ممن يمارسن الكتابة والأدب، بأن كتاباتهن نسوية.
منذ بدأتُ طريق الكتابة حاولت التفتيش عن مشترك عام وإنساني
وفي هذا الصدد قالت الشاعرة د. مروة نبيل، في تصريحات خاصة لـ “الدستور”: "التمييز بين كتابة نسائية وكتابات أخرى تمييزٌ قديم وعالميّ، عالجهُ كل مُجتمع وفقًا لطبيعته ومعتقداته وتطوره. قد يكون البُعد الديني لهذا التمييز أكثر الأبعاد أهمية وتأثيرًا، لكنه ليس الوحيد؛ فأكثر البلدان تَنوُّرًا تشكو كاتباتها الاضطهاد بدرجات متفاوتة.
وأوضحت “نبيل”: أما "النسوية" فتيار فلسفي معاصر، (أو بالأحرى حركة سياسية تهدف إلى غايات اجتماعية)، تُدرَجُ في إطار "النظرية النقدية" أو "ما بعد الماركسية"، وننظر لها صحوة للعقل النسائي، مُتجاهلين أن النساء تفلسفن منذ فجر الفلسفة حتى لحظتنا الراهنة... بقصد أو دون قصد؛ غَذَّى الكُتَّاب هذا الادعاء، ولَكَم صادفنا الكثير من الجُمل المنسوبة لكبار الأدباء والفلاسفة تحطُّ من شأن الكتابة النسائية، وتعد الجيد منها طفرة. ويَنصَح الكثير من الأساتذة طالباتهن بإعداد أطروحات عن الفلسفة النسوية، أو أطروحات دينية، إذ يظل من المُحبب للمرأة الصالحة أن تَتَفقَّه في الدين، وهذا مفيد بالطبع، ولكن تستطيع المرأة فهم قضايا أخرى سياسية، علمية، وفلسفية.
وتابعت: منذ بدأتُ طريق الكتابة والأدب حاولت تجاهُل هذا الواقع، وحاولت التفتيش عن مشترك عام وإنساني تنطلق منه الموضوعات التي كتبتُ فيها. كما أدركت أن هذا التمييز يحمل في ذاته تمييزًا إضافيًّا، بين فارق (طبيعي) بين المرأة والرجل، وفارق (مُفتعل). كان من المنطقي أن يكون الفارق الطبيعي لمصلحة المرأة لما تتمتع به من رهافة وحساسية تصل بها – أحيانًا - حد الحَدس، لكن عمليات التدوين التاريخي زادت هذا الفارق الطبيعي عُمقا، وانقسمت بدورها إلى تدوين دائم لمصلحة الرجل، وتدوين عارض لمصلحة المرأة.
واختتمت: أما الفارق المفتعل فقد ساعدت عدة عوامل على تعضيده واستمراره، أغلبها تتعلق بوعي الرجل ووعي المجتمع المحيط، أما ما زاده شراسة فكانت بعض الكاتبات أنفسهن، اللاتي قَبِلن الاستقرار في عالم آمن من الموضوعات المناسبة للنساء، ثم قبلن – بوعي أو دون وعي - شروط النرجسيين من البشر، ووضعن أقلامهن تحت وصايتهم. هذا هو الكائن، ولا يجب أن يكون، ويجدر بنا إعادة النظر في هذا التمييز. فعالم المرأة خاص جدا، وضروري للغاية، وليس أجدر منها بالتعبير عنه، لكنه ليس كافيًا من حيث هي - في الأساس - كينُونة تعيش في العالم، تُصادفها أحداث خارجة عن إطار تجرِبة الأمومة، أو الوقوع في الحب، أو حتى الاضطهاد. ولا أعتقد أن فهم "عادل" لطبيعة المُتواليات الهندسية سيتميز – بالضرورة - عن فهم "سعاد" لها مثلا. وقد يكون رجل ما وديعًا هادئًا ومسالمًا، في حين امرأة ما تَمْلأُ العالمَ ضَغينة وتَسلُّطًا وفسادًا.
0 تعليق