"السقاء"... حامل الماء وراوى العطشى فى ذاكرة التراث الشعبى

0 تعليق ارسل طباعة

قبل أن تعم شبكات المياه المدن والقرى، وقبل أن تصبح الصنابير جزءًا من حياتنا اليومية، كانت مهنة السقاء من أهم المهن في المجتمعات العربية، خصوصًا في مصر والشام والحجاز. فقد كان السقاء رمزًا للعطاء في زمن كانت فيه قطرة الماء تساوي الحياة.

السقاء  هو الشخص الذي كان يحمل الماء في قرب مصنوعة من جلد الماعز أو الجمال، ويجوب الشوارع والأسواق والبيوت والمساجد، موفرًا الماء للناس، مقابل أجر زهيد أو أحيانًا ابتغاء الثواب،  بحسب "الخطط المقريزية" للمؤرخ المصري تقي الدين المقريزي، كانت مهنة السقاء شائعة في القاهرة الفاطمية والمملوكية، وكانت لهم نقابة خاصة وملابس مميزة غالبًا ما تتكون من جبة وطاقية حمراء.

d4cf7da88e.jpg

ولم تقتصر مهمة السقاء على إيصال الماء فقط، بل كان له دور اجتماعي وديني كبير، خاصة في شهر رمضان، حيث كان يتولى توزيع الماء على الصائمين مجانًا، وينادى بأصوات مميزة على المارة "ميه ساقعة ياعطشان!"، وهى عبارة ما زالت ترددها الذاكرة الشعبية حتى اليوم.

وكان السقائون يتجمعون في مناطق معينة مثل "باب زويلة" و"الغورية" و"الحسين"، وكانوا يحظون بتقدير شعبي لما يحملونه من تعب ومشقة في سبيل خدمة الناس.

d8af55a562.jpg

ومع دخول القرن العشرين، بدأت هذه المهنة بالاندثار تدريجيًا مع انتشار مواسير المياه والصنابير، لتتحول من وظيفة حيوية إلى رمز تراثي يظهر أحيانًا في الموالد الشعبية والاحتفالات التراثية. وتحتفظ بعض المتاحف، مثل متحف بيت السحيمي في القاهرة، بقطع من أدوات السقاة مثل القرب والجرار.

لكن رغم اندثارها، بقيت صورة السقاء حاضرة في وجدان الثقافة العربية، حيث تغنى به الشعراء وتجلى في الفلكلور الشعبي كشخص نبيل يحمل الماء و"الرحمة"

16926293b7.jpg

مهنة السقاء، وإن رحلت عن الشوارع، لم ترحل عن الذاكرة. فهى صفحة مضيئة من تراثنا الشعبي، تذكرنا بقيمة الماء، وتعلمنا أن العطاء أحيانًا لا يحتاج أكثر من قربة ماء ونية طيبة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق