حذّر الباحث السياسي المتخصص في الشأن الآسيوي، سيد مكاوي، من خطورة التصعيد الأخير بين الهند وباكستان، على خلفية الهجوم الدامي الذي وقع في منطقة "بالهجم" السياحية بإقليم كشمير المتنازع عليه، والذي أودى بحياة 26 شخصًا من المدنيين، معظمهم من الطائفة الهندوسية.
وأشار مكاوي في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، إلى أن التطورات الميدانية والتصريحات الرسمية الصادرة من نيودلهي وإسلام آباد تنذر باقتراب البلدين من صدام عسكري محتمل، وإن كان محدود النطاق.
الاعتبارات النووية تتحول دون انزلاق الطرفين
وأوضح مكاوي أن الاعتبارات النووية تحول دون انزلاق الطرفين إلى حرب شاملة، وقال إن "الهند وباكستان قوتان نوويتان، ولا يمكن لأي منهما تحمل تبعات صراع مفتوح، نظرًا للتكلفة الكارثية لأي مواجهة نووية.
ومع ذلك، فإن اختلال موازين القوة التقليدية لصالح الهند، من حيث العتاد العسكري وعدد القوات، يدفع المحللين إلى توقع رد محدود ومدروس من الجانب الهندي، في حال قررت نيودلهي التحرك عسكريًا."
وأشار مكاوي إلى أن إعلان الهند تعليق العمل باتفاقية تقاسم مياه نهر السند، التي توفر لباكستان ما يقرب من 80% من احتياجاتها المائية، يعتبر تطورًا بالغ الخطورة.
وقال: "في حال أقدمت الهند على تنفيذ خطوات عملية لتغيير مجرى النهر أو وقف تدفق المياه، فإن ذلك سيُعتبر بمثابة عمل حربي وفق التصريحات الرسمية الباكستانية، مما يزيد من احتمالات التصعيد المتبادل."
وشدد مكاوي على أن الحل السياسي لا يزال ممكنًا، لكنه يتطلب إرادة حقيقية من القيادتين في نيودلهي وإسلام آباد.
وقال: "لقد خاض الطرفان حربين في عامي 1947 و1965 بسبب كشمير، ولم تُحلّ القضية. أي مواجهة جديدة لن تؤدي إلا إلى مضاعفة المعاناة للشعبين، اللذين تجمعهما روابط حضارية وثقافية وتاريخية عميقة."
وأشار إلى أن هناك تحركات دبلوماسية مكثفة تقودها عدة دول مؤثرة في محاولة لاحتواء الأزمة ومنع انزلاقها إلى نزاع مسلح، من بينها مصر، والسعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب الصين وربما الولايات المتحدة.
وأردف قائلًا: "هناك إدراك إقليمي ودولي بأن انفجار الوضع في كشمير لن يظل محصورًا في نطاق جغرافي محدود، بل سيؤثر على استقرار منطقة جنوب آسيا بالكامل، بما في ذلك أمن الملاحة في المحيط الهندي وشبكات الطاقة العابرة."
واختتم مكاوي تصريحه بالتأكيد على أن الوقت لا يزال متاحًا للدبلوماسية، قائلاً: "ندعو القيادة في البلدين إلى تغليب صوت الحكمة، والعودة إلى طاولة المفاوضات، الحوار هو السبيل الوحيد لتجنب كارثة كبرى قد تهدد ليس فقط الأمن الإقليمي، بل السلم العالمي أيضًا."
0 تعليق