أكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، أنه رغم التحذيرات المتكررة الصادرة عن دائرة الأرصاد الجوية الإسرائيلية من العاصفة الجوية في الأيام التي سبقت اندلاع حرائق القدس الهائلة التي لا تزال تشتعل حتى الآن في تلال القدس، فإن سلطات الإطفاء والإنقاذ والحكومة الإسرائيلية لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع الكارثة أو الاستعداد الكافي لمواجهتها.
أشارت دائرة الأرصاد الجوية إلى أنها أصدرت أولى التحذيرات قبل خمسة أيام من اندلاع الحرائق، وأعادت تكرارها يوم الإثنين، مشددة على وجود عاصفة جوية جافة ورياح قوية متوقعة يوم الأربعاء، وهو اليوم الذي صادف إحياء ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى وضحايا العمليات، وعلى النقيض من ذلك، اتخذت السلطات في مصر إجراءات وقائية مسبقة مكثفة لمواجهة العاصفة، بما في ذلك إغلاق المدارس، تحسبًا لنشوب حرائق مشابهة.
رفض المساعدة الجوية من سلاح الجو الإسرائيلي
وتابعت الصحيفة أنه في خطوة أثارت انتقادات واسعة، رفضت السلطات عرضًا من سلاح الجو الإسرائيلي بتقديم المساعدة في إخماد الحرائق، رغم امتلاك الأخير طائرات شحن كبيرة مصممة للتعامل مع حرائق واسعة النطاق.
وكان سلاح الجو قد بدأ بتجهيز طائراته بشكل استباقي، حيث خفض زمن التحضير من 12 إلى 6 ساعات، إلا أنه طُلِب منه عدم تشغيل الطائرات خلال ساعات النهار بدعوى وجود "خيارات أخرى"، ولم تطلب سلطة الإطفاء والإنقاذ تشغيل الطائرات إلا عند الساعة الثالثة عصرًا، بعد أن خرجت النيران عن السيطرة.
خلافات سياسية تشعل النيران في القدس
وتابعت الصحيفة العبرية أنه لم يتم تفعيل الطائرات الخاصة المملوكة لشركات مدنية رغم قربها الجغرافي من مواقع الحريق وتجهيزها الكامل بالمعدات اللازمة، وذلك نتيجة صراعات سياسية داخلية.
وقد أعرب طيار من شركة "حيم-نير" الخاصة عن استيائه قائلًا: "الأمر محزن. البلاد تحترق ولدينا عشر طائرات جاهزة هنا، لكن الحكومة فضّلت الاستعانة بدعم خارجي من اليونان وإيطاليا بدلًا من استغلال الموارد المتوفرة داخل البلاد"، مشيرًا إلى أن المسألة تتعلق بصراعات سلطوية وسياسية واعتبارات مالية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حين يواصل جهاز الأمن العام (الشاباك) التحقيق في الأسباب المحتملة لنشوب الحرائق، إلا أن نتائج التحقيق الأولية لم تتوصل إلى دليل قاطع يثبت أن الحرائق مفتعلة، ورغم ذلك، بدأت نظريات المؤامرة تنتشر على الإنترنت، خاصة من قبل يائير نتنياهو، نجل رئيس حكومة الاحتلال المتطرفة بنيامين نتنياهو، الذي نشر منشورًا أشار فيه إلى احتمال أن يكون الجناة "عربًا من مشعلي الحرائق"، وتساءل إن كانوا قد حصلوا على دعم من "عناصر من اليسار" تهدف، حسب زعمه، إلى تعطيل احتفالات يوم الاستقلال التي كان من المقرر أن تبدأ مساء الأربعاء.
وتعرض وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، المسؤول عن جهاز الإطفاء والإنقاذ، لانتقادات شديدة حتى من داخل الائتلاف الحاكم، حيث تساءل بعض الوزراء إن كان هناك بالفعل وزير مسؤول عن الأمن القومي في ظل هذا الإخفاق الكبير في إدارة الأزمة.
تشير التقارير إلى أن حريقًا سابقًا اندلع الأسبوع الماضي قد دمّر نحو 4500 فدان من الغابات، في حين أتت الحرائق الحالية حتى الآن على ما يقارب 5 آلاف فدان إضافي، وتم إجلاء آلاف الأشخاص من منازلهم في أكثر من اثني عشر تجمعًا سكنيًا، كما تخلّى عشرات السكان عن سياراتهم على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط القدس بالساحل بعد أن اجتاحته ألسنة اللهب.
0 تعليق