بين القلم والريشة.. صلاح جاهين "رسام الكاريكاتير"

0 تعليق ارسل طباعة

بمناسبة ذكرى وفاته..

في مثل هذا اليوم وتحديدًا 21 أبريل 1986، رحل عن عالمنا صلاح جاهين، أحد أعمدة الإبداع المصري الذي جمع بين القلم والريشة، فكان شاعرًا وفنانًا وكاتبًا، لكنه أيضًا كان رسام كاريكاتير من طراز فريد، ترك بصمة خالدة على صفحات الصحف وفي ذاكرة أجيال كاملة.

الكاريكاتير.. سلاح صلاح جاهين الخفي

رغم شهرته كشاعر رباعيات وسيناريست وصاحب رؤية فلسفية مغلفة بالبساطة، إلا أن صلاح جاهين كان أيضًا رسام كاريكاتير لامعًا، بدأ رحلته مع الريشة في صحيفة "روز اليوسف" قبل أن ينتقل إلى "الأهرام" في الستينيات، وهناك قدّم لوحات يومية كانت تعكس الحياة المصرية بكل تناقضاتها، وجاءت رسومات "جاهين" الكاريكاتيرية مليئة بالذكاء والروح الساخرة، إذ لم تكن مجرد تعليقات على الأحداث، بل كانت تحليلات اجتماعية وسياسية لاذعة، ترصد هموم المواطن المصري وتعري تناقضات المجتمع ببساطة وعُمق.

وقد تعامل "جاهين" مع الكاريكاتير كفن صحفي له دور لا يقل عن المقال والتحقيق والتحليل، بل يتفوق عليهم أحيانًا لأنه يصل للقارئ مباشرة، دون وسطاء لغويين. 

وهكذا، أصبحت رسومه لا تفارق الصفحة الأخيرة من "الأهرام"، وأصبح قارئ الجريدة ينتظر كاريكاتيره كما ينتظر العناوين الكبرى.

بأسلوبه، نقل الكاريكاتير من خانة "الساخر الخفيف" إلى مصاف الأدوات المؤثرة في الرأي العام، بل وفي المزاج العام للمصريين، فجعل من الصورة المرسومة مقالًا مصورًا، لا يُنسى.

صلاح جاهين والفن الساخر

ولم يكن صلاح جاهين ساخرًا بالمعنى السطحي الذي يكتفي بالإضحاك، بل كان سخرته أداة مقاومة وفكر، ولم تكن السخرية عند جاهين تهكمًا من الواقع بقدر ما كانت محاولة لتغييره، أو على الأقل لفهمه والتعامل معه بوعي شعبي.

كاريكاتيره كان يحمل أبعادًا فلسفية وإنسانية، يضع فيها شخصية المواطن المصري الغلبان، الساخر، الذكي بالفطرة، في مواجهة تناقضات السلطة والمجتمع، وكأنما كان الفن الساخر عنده "جدية مغلفة بالابتسامة"، وهي معادلة صعبة إلا أنه برع فيها.

وفي كل مرة كان يرسم فيها، كان يعيد تعريف حدود الفن الساخر، موسّعًا إياها لتشمل السياسة، الدين، الحب، الاقتصاد، بل والوجود ذاته، فمن خلال رسمة واحدة، كان يمكنه أن يختصر ما تعجز عنه المقالات الطويلة، بلغة يفهمها الجميع، ويضحكون بها، ويبكون أيضًا.

صلاح جاهين.. حين يلتقي الفن بالفكر

امتزجت مواهب صلاح جاهين، فكان يرسم الكاريكاتير بذات الروح التي يكتب بها الرباعيات، روحٌ متمردة، ساخرة، لكنها إنسانية وعميقة، وكان يرى في الكاريكاتير فنًا راقيًا، لا يقل أهمية عن الشعر أو المسرح، بل يملك ميزة الوصول السريع والمباشر إلى وعي الناس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق